حكم إكثار الحجاج من الطواف في أثناء موسم الحج
عدد الزوار
103
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
سئل فضيلة الشيخ - رحمه الله تعالى - : بعض الحجاج يأتون إلى مكة في وقت مبكر وكل يوم ينزلون إلى المسجد الحرام للطواف والجلوس فيه مما يحدث زحمة في الحرم لكثرة القادمين
للحج فهل هذا من السنة ؟
الإجابة :
ليس من السنة للحاج أن يكثر الطواف بالبيت، والسنة في حقه أن يتبع في ذلك هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع قدم إلى مكة في اليوم الرابع من ذي الحجة، وطاف طواف القدوم، ثم طاف طواف الإفاضة يوم العيد، ثم طاف طواف الوداع صبيحة اليوم الرابع عشر، ولم يطف بالكعبة إلا ثلاث مرات، وكل هذه الأطوفة أطوفة نسك لابد منها، فعمل بعض الناس الآن بترددهم على البيت في أيام الحج هذا ليس مشروعاً، وقد أقول: إنهم إلى الإثم أقرب منهم إلى الأجر؛ لأنهم يضيقون المكان على من يؤدون مناسك الحج والعمرة، وليس ذلك من الأمور المشروعة فيحصل في فعلهم هذا أذية بدون قصد مشروع، فينبغي للمسلم أن يكون عابد لله تعالى بحسب الهدى لا بحسب الهوى، فالعبادة طريق مشروع من قبل الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - ، وليس الطريق المشروع بحسب ما تهواه، وما أكثر المحبين للخير الذين يعبدون
الله تعالى بأهوائهم، ولا يتبعون في ذلك ما جاء في شرع الله، وهذا شيء كثير في الحج وفي غيره، ولكن الذي ينبغي للإنسان أن يعود نفسه على التعبد بما جاء عن الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - فقط، ولو ذهبنا نضرب لذلك أمثلة لكثرت لكن لا بأس أن نذكر بعض الأمثلة:
بعض الناس إذا جاءوا والإمام راكع تجده يسرع لإدراك الركعة، وهذا خلاف المشروع، فإن الرسول - عليه الصلاة والسلام - يقول: «فأمشوا عليكم السكينة» وقال لأبي بكرة- رضي الله عنه - «لا تعد» لما أسرع، وهنالك أيضاً أن بعض الناس في الطواف يبدؤون من قبل الحجر الأسود يقولون: نفعل هذا احتياطاً، ولكن الاحتياط حقيقة هو في اتباع السنة، فالمشروع أن يبدؤوا من الحجر نفسه، وأن ينتهوا أيضاً بالحجر نفسه والذي أدعو إليه إخواننا المسلمين أن يكونوا في هذا العمل وغيره متبعين للسنة، ومن ذلك أيضاً أن بعض الناس يتسحر في يوم الصيام يمسك عن الأكل والشرب قبل الفجر معتقداً أن ذلك واجب عليه، حتى إن في بعض المواقيت يكتبون: (وقت الإمساك، وقت الفجر) فيجعلون وقتين: وقتًا للإمساك، ووقتًا للفجر، وهذا أيضاً خلاف المشروع فإن الله تعالى يقول: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾[البقرة: 187]، وقال النبي - عليه الصلاة والسلام -: «كلوا وأشربوا حتى تسمعوا أذان أبن أم مكتوم، فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر» فلا وجه لكون الإنسان يحتاط فيمسك قبل طلوع الفجر، وإنما السنة أن يكون كما أمر الله تعالى وكما أمر رسوله - صلى الله عليه وسلم - ، ولقد نبه النبي - عليه الصلاة والسلام - إلى أن الاحتياط للعبادة بتقدمها أمر ليس بالمشروع ولا بمحبوب إلى الله عز وجل في قوله - صلى الله عليه وسلم - : «لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين، إلا رجلاً كان يصوم صوماً فليصمه» فهذه ثلاثة أمثلة في الصلاة، وفي الحج، وفي الصيام.
المصدر :
مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين(24/ 18)