يَجِبُ الوفاءُ بنَذرِ القُربةِ.الأدِلَّةُ:أوَّلًا: مِنَ الكتابِ1- قَولُه تعالى: وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ [الحج: 29].وَجهُ الدَّلالةِ:في قَولِه تعالى: وَلْيُوفُوا أمْرٌ يَقتَضي الوُجوبَ [12]   ((فتح القدير)) للشوكاني (3/531)، ((أضواء البيان)) للشنقيطي (5/233). .2- وقوله: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا (7)  [الإنسان: 7].وَجهُ الدَّلالةِ:الآيةُ فيها دَلالةٌ على وُجوبِ الوفاءِ بالنَّذرِ؛ لأنَّه تعالى عَقَّبَه بقولِه: وَيَخَافُونَ يَوْمًا، وهذا يَقتَضي أنَّهم إنَّما وَفَّوْا بالنَّذرِ خَوفًا مِن شَرِّ ذلك اليَومِ، والخَوفُ مِن شَرِّ ذلك اليَومِ لا يَتحقَّقُ إلَّا إذا كان الوفاءُ به واجِبًا [13]   ((تفسير الرازي)) (30/745)، ((تفسير الخازن)) (4/378)، ((تفسير ابن عادل)) (20/21). .ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِعن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((مَن نَذَرَ أنْ يُطيعَ اللهَ فلْيُطِعْهُ، ومَن نَذَرَ أنْ يَعصيَهُ فلا يَعْصِهِ)) [14]   أخرجه البخاري (6696). . وَجهُ الدَّلالةِ:في قَولِه: ((مَن نَذَرَ أنْ يُطيعَ اللهَ فلْيُطِعْهُ)) دليلٌ على أنَّ كلَّ مَن نذَرَ طاعةً وجَبَ عليه الوفاءُ بها [15]   ((شرح مصابيح السنة)) لابن المَلَك (4/104)، ((التيسير بشرح الجامع الصغير)) للمُناوي (2/445). .ثالثًا: مِنَ الإجماعِنقَلَ الإجماعَ على ذلك: ابنُ قُدامةَ [16]   قال ابنُ قُدامةَ: (تَكونُ الطَّاعةُ المُلتزَمةُ ممَّا له أصْلٌ في الوُجوبِ بالشَّرعِ؛ كالصَّومِ والصَّلاةِ والصَّدقةِ والحجِّ، فهذا يَلزَمُ الوفاءُ به، بإجماعِ أهلِ العِلمِ). ((المغني)) (10/4). ، وابنُ القَطَّانِ [17]   قال ابنُ القَطَّانِ: (لا خِلافَ أنَّ النَّذرَ بالطَّاعةِ يَلزَمُ الوفاءُ به). ((الإقناع في مسائل الإجماع)) (1/375). ، والعَيْنيُّ [18]   قال العَيْنيُّ: (قام الإجماعُ على وُجوبِ الوفاءِ إذا كان النَّذرُ بالطَّاعةِ). ((عمدة القاري)) (23/206). ، وابنُ الهُمامِ [19]   قال ابنُ الهُمامِ: («مَن نَذَرَ أنْ يُطيعَ اللهَ فلْيُطِعْهُ، ومَن نَذَرَ أنْ يَعصيَ اللهَ فلا يَعصِهِ» رَوَتْهُ عائشةُ رَضِيَ اللهُ عنها، والإجماعُ على وُجوبِ الإيفاءِ به). ((فتح القدير)) (5/92). ، وبرهانُ الدِّينِ ابنُ مُفلحٍ [20]   قال برهانُ الدِّينِ ابنُ مُفلحٍ: (تَكونُ الطَّاعةُ المُلتزمةُ ممَّا له أصلٌ في الشَّرعِ؛ فلهذا يَلزَمُ الوفاءُ به إجماعًا). ((المبدع في شرح المقنع)) (8/127). . انظر أيضا: المَبحثُ الثَّاني: نَذرُ المعصيةِ. المَبحثُ الثَّالثُ: نَذْرُ المَكروهِ. المَبحثُ الرَّابعُ: نَذْرُ المُباحِ . المَبحثُ الخامسُ: نَذْرُ الواجِبِ ونَذْرُ المُحالِ.

يَنعقِدُ نَذْرُ المَكروهِ، ويُستحَبُّ ألَّا يَفعَلَه ويُكَفِّرَ عنه، وهو مذهَبُ الحنابِلةِ [64]   ((منتهى الإرادات)) لابن النجار (5/253)، ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (6/275). ، واختارَه ابنُ عُثيمينَ [65]   قال ابنُ عُثيمين: (لو قال: «للهِ علَيَّ نذْرٌ أنْ آكُلَ بصلًا»، وأكْلُ البصلِ مَكروهٌ؛ فنقولُ: الأفضلُ ألَّا تأكُلَ، وتُكفِّر. ولو قال: «للهِ علَيَّ نذْرٌ أنْ آكُلَ ثُومًا»؛ فمِثلُه). ((الشرح الممتع)) (15/214). ، وأفتَتْ به اللَّجنةُ الدَّائمةُ [66]   سُئِلت اللَّجنةُ الدَّائمةُ عن شخصٍ أصابه مرضٌ، فنذَرَ إنْ عُوفيَ مِنَ المرضِ أنْ يَصومَ سنتَينِ مُتتابعتَينِ؟ فأجابت: (نذْرُ والِدِكَ نذْرٌ مَكروهٌ، ويَكفي عن ذلك كفَّارةُ يمينٍ؛ وهي: إطعامُ عَشَرةِ مَساكينَ، أو كِسوتُهم، أو تحريرُ رقَبةٍ مؤمنةٍ، فإنْ لم يَجِدْ صام ثلاثةَ أيَّامٍ). ((فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى)) (23/218). .الأدِلَّةُ:أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِعن أبي موسى الأشعرىِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((أتيتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في نَفَرٍ مِن الأشعريِّينَ، فوافقْتُه وهو غَضبانُ، فاستَحْمَلْناه فحَلَف ألَّا يَحمِلَنا، ثمَّ قال: واللهِ إنْ شاءَ اللهُ لا أحلِفُ على يمينٍ، فأرى غيرَها خَيرًا منها، إلَّا أتيتُ الذى هو خيرٌ وتحلَّلْتُها)) [67]   أخرجه البخاري (6680) واللَّفظُ له، ومسلم (1649). .ثانيًا: مِنَ الآثارِعن عائِشةَ: (أنَّ أبا بكرٍ رَضِيَ اللهُ عنه لم يَكُنْ يَحنَثُ [68]   المرادُ بالحِنْثِ: هو إتيانُ المحلوفِ عليه. يُنظر: ((التنوير شرح الجامع الصغير)) للصنعاني (8/369). في يمينٍ قَطُّ، حتى أنزَلَ اللهُ كفَّارةَ اليَمينِ، وقال: لا أَحلِفُ على يَمينٍ فرأيتُ غَيرَها خَيرًا منها إلَّا أتيتُ الَّذي هو خَيرٌ، وكَفَّرتُ عن يَميني) [69]   أخرجه البخاري (6621). .وَجهُ الدَّلالةِ مِنَ الحديثِ والأثَرِ:فيهما دلالةٌ على انعقادِ نَذْرِ المَكروهِ قياسًا على الحَلِفِ على المَكروهِ [70]   ((المبدع شرح المقنع)) لبرهان الدين ابن مُفلح (9/286). .ثالثًا: لأنَّ تَركَ المَكروهِ أَوْلى [71]   ((المبدع شرح المقنع)) لبرهان الدين ابن مُفلح (9/286). . انظر أيضا: المَبحثُ الأوَّلُ: نَذرُ القُربةِ. المَبحثُ الثَّاني: نَذرُ المعصيةِ. المَبحثُ الرَّابعُ: نَذْرُ المُباحِ . المَبحثُ الخامسُ: نَذْرُ الواجِبِ ونَذْرُ المُحالِ.

يَنعقِدُ نذْرُ المُباحِ، ويُخَيَّرُ بيْن فِعلِه والكفَّارةِ، وهو مذهَبُ الحَنابِلة [72]   ((المبدع شرح المقنع)) لبرهان الدين ابن مُفلح (9/286)، ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (6/275)، ((مطالب أولي النهى)) للرُّحَيْباني (6/423). ، وقولٌ للحَنفيَّةِ [73]   ((البناية شرح الهداية)) للعَيني (6/143). ، وقولٌ للمالكيَّةِ [74]   ((مواهب الجليل)) للحَطَّاب (4/492). ، وقولُ بعضِ الشافعيَّةِ [75]   ((روضة الطالبين)) للنووي (3/303)، ((منهاج الطالبين)) للنووي (ص: 333). ، وهو اختيارُ ابنِ عُثيمينَ [76]   قال ابنُ عُثيمينَ: (قولُه: «الثالثُ: نذْرُ المُباحِ؛ كلُبسِ ثَوبِه، ورُكوبِ دابَّتِه؛ فحُكمُه كالثَّاني» أي: يُخَيَّرُ بيْن فِعلِه وكفَّارةِ اليمينِ. مِثالُه: قال رجُلٌ: للهِ علَيَّ نذْرٌ أنْ أَلبَسَ هذا الثَّوبَ، نقولُ له: أنت بالخيارِ؛ إنْ شِئتَ الْبَسِ الثَّوبَ، وإنْ شِئتَ فكفِّرْ كفَّارةَ يمينٍ). ((الشرح الممتع)) (15/213). ، وبه أفتَتِ اللَّجنةُ الدَّائمةُ [77]   جاء في فتاوى اللَّجنةِ الدَّائمةِ: (ما ذكرْتَه هو مِن نذْرِ فِعلِ المباحِ؛ فتُخَيَّرُ بيْن فِعلِه أو كفَّارةِ يمينٍ). ((فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى)) (23/213). ؛ وذلك قياسًا على الحَلِفِ على المُباحِ [78]   ((المبدع شرح المقنع)) لبرهان الدين ابن مُفلح (9/286)، ((لقاء الباب المفتوح)) لابن عُثيمين، اللقاء رقْم (16). . انظر أيضا: المَبحثُ الأوَّلُ: نَذرُ القُربةِ. المَبحثُ الثَّاني: نَذرُ المعصيةِ. المَبحثُ الثَّالثُ: نَذْرُ المَكروهِ. المَبحثُ الخامسُ: نَذْرُ الواجِبِ ونَذْرُ المُحالِ.