عقد على امرأة ثم زفت له غير المعقود عليها فما الحكم ؟
عدد الزوار
69
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
سبقت مسألة في الحلقة السابقة علق الجواب في بعضها إلى الحلقة هذه، نحب أن ننبه الآن إليها وهي: أن شخصًا عقد على إحدى أختين، وزفّتْ له غير المعقود عليها، أختها غير المعقود عليها فما الحكم ؟
الإجابة :
سبق أن قلنا، في ذلك: فإن كان لم يجامعها ولم يتصل بها فإنّه لا يضره، يعيدها لأهلها وزوجته باقية، القصد المعقود عليها يطلبها متى شاء، وإن أراد الثانية التي أدخلت عليه، ورغب فيها فلا بأس أن يتزوجها من أهلها بعد أن يطلّق أختها، ليس لها عدّة؛ لأن الطلاق بدون دخول ما فيه عدة، إذا طلق أختها التي لم يدخل بها، وتزوج الثانية التي أدخلت عليه، فلا بأس ولكن بعقد جديد، أما إن كان جامعها يحسبها زوجته، فهذا يسمى وطء شبهة، وهو في هذه الحالة لا يبطل نكاح زوجته التي عقد عليها، وهي أختها ولكن هذه التي وطئها، هل يلزمه أن يمتنع من زوجته حتى يستبرئها أم لا، سبق في الحلقة السابقة التّوقف في هذا، هل يلزمه التّوقّف حتى تستبرأ من هذا الوطء؛ لأنها قد تكون حاملا، وقد لا تكون حاملا، والواجب أن تستبرأ بحيضة، أو بثلاث حيض على الخلاف، فذهب الجمهور من أهل العلم إلى أنها تستبرأ بثلاث حيض، كعدة الطلاق، فإن بانت حاملا، فعدّتها وضع الحمل، أما إن كانت على القول الثاني بأنها تستبرأ بحيضة، فإنه يكفي حيضة واحدة، كالزانية وكالمخلوعة على الصحيح، وكالأمة تستبرأ بعد الشراء، وبعد البيع يكفيها حيضة عند بعض أهل العلم استبراء لرحمها، ويجامع زوجته بعد ذلك، التي عنده، هذا هو ظاهر كلام أهل العلم بعد مراجعة كلامهم، وظاهر كلام أهل العلم أنه لا يقرب زوجته جماعا، حتى يستبرئ أختها التي أدخلت عليه غلطا وجامعها، فإن كانت لم تحمل بعد أن استبرأها بحيضة، أو بثلاث حيض على خلاف، وإن كانت قد حملت توقّف عن زوجته حتى تضع الحمل، وفي نفسي من هذا شيء، وسوف نتابع المسألة إن شاء الله، لكن الذي يظهر من كلام أهل العلم، أنه لا بد من استبرائها بحيضة، على الأصح، كما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - ، أو بثلاث حيض إلحاقا لها بالمطلقة، فإن كانت حبلى لا بد من وضع الحمل، فإذا وضعت استُبرئت، فله الاتصال بزوجته حينئذ، أما إذا جعلنا وطء الشبهة كالزنى، فإن وطء الزنى لا ينشر الحرمة على الصحيح، ولا تثبت به المصاهرة، فإذا ألحقنا وطء الشبهة بذلك، فإنه يحل له إتيان زوجته التي عقد عليها؛ لأن هذا وطء؛ كلا وطء؛ لأنه في المعنى يشبه وطء الزنى؛ لأنه ليس بحلال، إنما سمح له في استلحاق الولد، وأنه لاحق به؛ لأنه لم يتعمد الزنى، اشتبه عليه، وظنها زوجته، فعذر، ولم يأثم، بسبب أنه غلط ولحقه الولد؛ لأنه وطء شبهة فيلحق به الولد، كما قال أهل العلم، لكنه يشبه وطء الزنى من جهة أخرى، وهي أنه وطء في غير عقد شرعي، وفي غير ملك شرعي، فأشبه الزنى فلا يمنع حل الزوجة، هذا وجه القول، بأنه لا يمنع، ولكن إذا احتاط وأمسك عن زوجته حتى يستبرئ أختها بحيضة، أو بثلاث حيض، أو وضع الحمل، هذا أحوط، كما نص عليه أهل العلم، أما وطء الزنى لو وطئ أخت زوجته زنى أو عمتها، أو خالتها، فالصحيح أنه لا تحرم عليه زوجته في ذلك، بل له الاتصال بزوجته، وهذا الوطء محرم ولا يوجب الحرمة ولا يحصل به حرمة المصاهرة، لو كانت أمها أو بنتها على الصحيح، ولأنه فاحشة لا ينبغي إظهارها، فإن الحكم بأن لهذا الوطء حكم الوطء الشرعي حتى لا تشيع الفاحشة، ويقال: لماذا؟ أو يقال: لأنه وطئ فلانة، زنى بفلانة، هذا فيه إظهار الفاحشة؛ ولهذا فالصواب أنه لا ينشر الحرمة، ولا يكون له حكم وطء المصاهرة، بل يكون وطء لاغيا، لا ينشر الحرمة، ولا يمنع من قربان زوجته، وعليه ما على الزاني من الحد الشرعي إذا كان زانيا، وهكذا التي زفت إليه أخت زوجته، وعلم أنها أخت زوجته، أو صار عن شك، ثم وطئها، يكون له حكم الزاني، وعليه حد الزاني، إن كان بكرا، جلد مائة، وإن كان ثيبا رجم؛ لأنه تعمد وطء الزنى، وهكذا هي إذا كانت تعلم أنه ليس زوجها، أي: المعقود عليها أختها، وزفت إليه خطأ أو شبهت عليه، المقصود أنها تعلم أنه ليس زوجها، وأنها غير مرغوب فيها، وأن الزوج لأختها، أو تعمدت الزنى فإن لها حكم الزانية، لكونها تعمدت تمكينه من نفسها، وهي تعلم أنها ليست زوجته، ولكن آثرت الهوى والشيطان، ظاهر كلام أهل العلم أنه لا بد من استبراء الرحم كما قلنا، أو تضع حملها إن تبين حمل، واحتجوا بحديث روي عن الرسول - صلى الله عليه وسلم- لا أعلم صحته وهو أنه - صلى الله عليه وسلم- قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجمع ماءه في رحم أختين» وفي لفظ آخر: «لا يحل لرجل يؤمن بالله واليوم الآخر أن يجمع ماءه في رحم أختين» احتجوا بهذا، فإن صح فهذا حجة ظاهرة، ولا سيما مع العمد، فإنه لا يجوز بلا خلاف عند أهل العلم جميعا، أما إذا وقع خطأ فهذا هو محل النظر، فمع الخطأ لا يكون مؤاخذا بذلك؛ لأنه لم يتعمده، وإنما هذا إذا وقع عمدا، هذا عليه المسؤولية لهذا الأمر الذي تعمده. نعوذ بالله، فيكون لها حكم الزانيات، أما هو فمعذور وإذا كان لم يعلم، وشبه عليه الأمر يحسبها زوجته، المعقود عليها، فهو معذور والوطء في حقه وطء شبهة، يلحقه النسب، وهي غير معذورة إذا كانت تعلم، أنه ليس زوجا لها، وأن الحكم يتعلق بأختها، ولكنها تعمدت الفاحشة، فيكون لها حكم الزانيات، أما هو، فليس له حكم الزاني وهو معذور؛ لأنه شبه عليه الأمر، ولم يعلم، هذا هو التفصيل الذي وعدنا به فيما تقدم، أرجو أن يكون السائل على بصيرة في هذا الأمر، ونسأل الله للجميع الهداية والتوفيق، هذه الأخت التي زفت إليه، لو اتضح أنها حامل، فيكون المولود ولده شرعا. والوطء وطء شبهة، إذا كان لم يعلم أنها غير زوجته، يحسب أنها زوجته، فيكون الولد هذا لاحقا به، لأن هذا من باب وطء الشبهة، ووطء الشبهة يلحق به النسب، وله العقد عليها كما تقدم، إذا رغب فيها، له العقد عليها بنكاح جديد، بعد أن يطلق أختها التي سبق أن تزوجها؛ لأنه لا عدة لأختها، حيث إنه تزوجها ولم يدخل بها، والمطلقة غير المدخول بها ليس له عدة.
المصدر :
الشيخ ابن باز من فتاوى نور على الدرب(21/ 8- 13)