حكم زيارة القبور وأدلته وبيان آداب الزيارة
عدد الزوار
70
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
يسأل عن الآداب التي يجب الإحاطة بها عند زيارة المقابر، وهل حث الإسلام على زيارة القبور، وزارها النبي - صلى الله عليه وسلم- والصحابة وأجاز للنساء زيارة القبور؟ وهل جاء في القرآن الكريم شيء عن زيارة قبور الصالحين كما قال تعالى: ﴿وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ﴾[التوبة: 84] وجهونا .
الإجابة :
زيارة القبور سنة مؤكدة من فعل النبي وقوله -عليه الصلاة والسلام- ؛ لما فيها من التذكير بالموت والتذكير بالآخرة، والسنة أن يزورها المؤمن بخشوع ورغبة في الآخرة، وقصد للاعتبار والذكر، ورحمة الأموات والدعاء لهم؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم-: «زوروا القبور فإنها تذكر الموت» خرجه مسلم في صحيحه. وكان النبي يزورها بين وقت وآخر في الليل والنهار، يزورها ويسلم عليهم -عليه الصلاة والسلام- ، ويدعو لهم ويقول: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون» «يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين» «أسأل الله لنا ولكم العافية» يغفر الله لنا ولكم، كان هذا من فعله -عليه الصلاة والسلام- ، فالمؤمن يسن له أن يزورها لفعل النبي - صلى الله عليه وسلم- ، ولقوله: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة» والمقصود من الزيارة الدعاء لهم، الدعاء للميتين بالمغفرة والرحمة، وذكر الآخرة وذكر الموت، والتأهب لذلك، هذا المقصود، ومن آدابها أنه لا يصلي عند القبور ولا يجلس عندها للدعاء والقراءة، وإنما يسلم بخشوع ورغبة في الآخرة، وخوف من عذاب الله، وقصد علاج قلبه حتى لا يموت، إذا تذكر الموت والقبور صار هذا أدعى لاستعداده للآخرة، وألين للقلب، يذكر الموت ويذكر الآخرة، ويذكر جمع الناس يوم القيامة، فيلين قلبه، فزيارة القبور تلين القلوب، وتذكرها بالآخرة وبالموت، فيكون ذلك من أسباب الاستعداد والحذر من الركون إلى الدنيا، لكن لا يصلي عندها ولا يطوف بها، ولا يسأل أهلها شيئا، الصلاة عندها بدعة من وسائل الشرك، والقراءة عندها بدعة، والجلوس عندها للدعاء بدعة، أما الطواف بها فشرك بالله، إذا طاف يتقرب إلى أصحاب القبور فهذا شرك أكبر، كالدعاء، كدعائها والاستغاثة بأهلها، والنذر لهم، والذبح لهم، هذا شرك أكبر، كما يفعل عند بعض القبور، يقول: يا سيدي انصرني، أو: اشف مريضي، أو: أنا بحسبك، أو: اشفع لي. أو ما أشبه ذلك، كل هذا من الشرك الأكبر لا عند قبر النبي - صلى الله عليه وسلم- ولا عند قبور الصحابة ولا عند غيرهم، إنما يسلم عليهم ويدعو لهم، يقول: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية» هكذا، وليس للمؤمن أن يسألهم أو يستغيث بهم، أو ينذر لهم، أو يذبح لهم، كل هذا من الشرك الأكبر، ولا يطوف تقربا إليهم، هذا شرك أكبر، أما لو طاف يحسب أنه مشروع يقصد التقرب إلى الله بالطواف فهذا بدعة، منكر؛ لأنه من وسائل الشرك، الطواف خاص بالكعبة، أما إذا طاف يتقرب إليهم ويريد شفاعتهم، أو أن ينفعوه فهذا شرك أكبر، كدعائهم من دون الله، والاستغاثة بهم والنذر لهم، كله شرك أكبر، كما يفعل عند البدوي أو عند الشيخ عبد القادر في العراق، أو عند قبر أبي حنيفة، أو عند قبر الحسن والحسين في مصر، كل هذا شرك أكبر، دعاؤهم والاستغاثة بهم، والنذر لهم، وهكذا ما يفعله بعض الجهال عند قبر النبي - صلى الله عليه وسلم- من دعاء الاستغاثة به وطلبه النصر، طلبه شفاء المرضى، كل ذلك من الشرك الأكبر، نسأل الله العافية.
أما النساء فلا، أما النساء فليس لهن زيارة للقبور، النساء لا يزرن القبور؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم- نهاهن عن هذا، ولعن زائرات القبور؛ ولأنهن فتنة وصبرهن قليل.
وأما قوله: ﴿وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ﴾[التوبة: 84] هذا نهي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم- عن الوقوف على قبور المنافقين والصلاة عليهم، أما المسلم يوقف على قبره ويدعى له بعد الموت بعد الدفن، إذا دفن يوقف عليه ويسأل له التثبيت والمغفرة؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم- لأنه كان إذا فرغ من دفن الميت -عليه الصلاة والسلام- قال: «استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت» فإذا فرغ من دفن الميت وقف عليه، وقال: «استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل» فالمؤمن يوقف عند قبره ويسأل له المغفرة والثبات، أما المنافق فلا يصلى عليه، ولا يوقف عند قبره، نسأل الله العافية والسلامة.
المصدر :
الشيخ ابن باز من فتاوى نور على الدرب(14/ 432- 436)