إذا حصل كسوف كلي أو جزئي للشمس بعد غروبها
عدد الزوار
99
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
سئل فضيلة الشيخ - رحمه الله تعالى - : إذا حصل كسوف كلي أو جزئي للشمس بعد غروبها في المملكة العربية السعودية وشوهد هذا الكسوف في المناطق التي تقع غرب المملكة فما حكم اليوم التالي لتلك الليلة التي حصل فيها الكسوف ؟ هل هو تكملة الشهر ثلاثين يوماً ؟ وإذا دخل الشهر التالي في ذلك اليوم سواء عن طريق الحساب، أو عن طريق الرؤية فما الحكم ؟
الإجابة :
إذا وقع كسوف الشمس بعد غروبها في أي مكان من الأرض فإنه يتعذر أن يكون فيه اليوم التالي أول شهر جديد؛ وذلك لأنه من المعلوم عند المحققين من أهل العلم شرعاً، وأهل الخبرة حساً أن سبب كسوف الشمس الحسي حيلولة القمر بينها وبين الأرض، ومن المعلوم عند العامة والخاصة أن دخول الشهر لا يكون إلا حيث يرى الهلال بعد غروب الشمس متأخراً عنها، فإذا كان كذلك فإنه لا يمكن أن يحكم بدخول الشهر في الليلة التي يقع فيها كسوف الشمس بعد الغروب؛ لأن ذلك مستحيل حسب العادة التي أجرى الله تعالى في مسير الشمس والقمر، قال الله تعالى: ﴿وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾[الأنعام: 96]. وقال تعالى: ﴿ وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ * لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾[يس: 38- 40]. وقال تعالى: ﴿وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا * وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا﴾[الشمس: 1-2]. ففي هذه الآية نص على أن القمر ليلة الهلال تال للشمس، فإذا كان تالياً لها فهو متأخر عنها بعيد عن الحيلولة بينها وبين الأرض فكيف يقفز حتى يحول بينها وبين الأرض ؟!
والناظر في سير الشمس والقمر يرى أن القمر دائماً متأخر عن الشمس في سيره، فتراه في أول ليلة من الشهر (مثلاً) يبعد عنها بقدر مترين أو ثلاثة، وفي الليلة الثانية بأكثر، وفي الليلة الثالثة بأكثر وهلم جرا، حتى يكون في منتصف الشهر في الجانب المقابل لها من الأفق فيكون بينهما ما بين المشرق والمغرب.
وعلى هذا فمن زعم دخول الشهر في الليلة التي تكسف فيها الشمس بعد الغروب فهو كمن زعم أن القمر يكون بدراً ليلة الهلال، أو أن الشمس تخرج قبل طلوع الفجر، أو أن الجنين يستهل قبل أن يخرج من بطن أمه.
ومن المعلوم أن هذا لا يمكن حسب السنة التي أجراها الله تعالى في هذا الكون البديع في نظامه وإتقانه.
أما حسب القدرة الإلهية فلا إشكال في أن الله تعالى على كل شيء قدير، وأنه قادر على جمع القمرين وتفريقهما وطمسهما وإضاءتهما في كل وقت، قال الله تعالى: ﴿فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ * وَخَسَفَ الْقَمَرُ * وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ * يَقُولُ الإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ﴾[القيامة: 7- 10]
لكن السنة التي أجراها الله تعالى في سير الشمس والقمر في هذه الدنيا سنة مطردة لا تختلف إلا حيث تقع آية لنبي أو كرامة لولي. كتبه: محمد الصالح العثيمين في 30/11/1421 هـ .
المصدر :
مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين(16/ 300- 302)