السؤال :
بعض الطلاب المبتعثين في الخارج عندهم إشاعة أن هناك فتوى تجيز أخذ الفوائد الربوية من البنوك في الخارج, واستثمارها في الجمعيات الخيرية, سواء في الخارج أو في الداخل, السبب هو أن بعض البنوك تستغل هذه الفوائد في توزيعها للجمعيات سواء نصرانية أو يهودية أو في أعمال ضد الإسلام, فالإشكالية الآن أن هناك بعضهم يصدق هذه الإشاعات على أنها فتاوى صدرت من علماء أو من طلاب علم معروفين, رأيك يا سماحة الشيخ؟
الإجابة :
لا استحسان مع النص, ولا قبول لفتوى تخالف الكتاب والسنة, فالقرآن الكريم يقول الله عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾[البقرة: 278-279] , وفي السنة أعلن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يوم عرفة في حجة الوداع: «ربا الجاهلية موضوع -أي: الربا الذي كان في الجاهلية موضوع- وأول رباً أضعه من ربانا ربا العباس بن عبد المطلب» فوضع الربا الذي كان في الجاهلية قبل أن يحرم في الإسلام وأهدره, فكيف يمكن أن نستحسن مع هذا النص, أخذ هذا الشيء وصرفه في مصالح خيرية هذا لا يجوز, وكيف يقابل الإنسان ربه يوم القيامة وهو يقول كذا, وأنت تقول: نأخذه استحساناً, هذه أنا أرى أنها فتوى خاطئة ممنوعة.
وأما قولهم أن هؤلاء يجعلونها في أشياء ضد المسلمين فكل مالهم من أولها لآخرها يريدون بها ضد المسلمين, إذاً لا تبايعهم ولا تشاريهم, إذا اشتريت منهم سلعة وزعمت أنهم يتخذونها من المسلمين فالربح الذي تعطيهم سيجعلونه ضد المسلمين ولا فرق, ثم هذا الربا هل هو كسب مالك؟ لأن مالك ربما يجعلونه ويتجرون به ويخسر, فليس من نماء ملكك, إنما هو رباً يضعونه هم بأنفسهم, فإذا كان كذلك فأنت ليس منك التفريط, وليس منك معونة على المسلمين, لأنه بكل سهولة تقول: هذا ليس ربحاً مالياً, أنا لا أدري ما الذي تصرفوا به أكسبوا أم خسروا.
فالمهم -يا أخي! والكلام للجميع- لا تستحسنوا شيئاً نهى الله ورسوله عنه, وأنت إذا تركت هذا فقد كسبت أشياء كثيرة:
1- علم هؤلاء الكفار أنك مسلم حقاً؛ لأنهم كفار -ولا سيما علماؤهم- يعلمون أن الربا محرم, محرم في التوراة والإنجيل وفي الإسلام, فإذا تركت هذا علموا أنك مؤمن حقاً وأنك لن تقدم الدنيا على الآخرة.
2- إذا تركت هذا ولا سيما إذا كان ملايين أوجب للمسلمين أن يكوِّنوا بنوكاً إسلامية, وينفردوا بمعاملاتهم كما سمعنا اليوم في الإذاعة في لندن أن المسلمين في إنجلترا يطالبون ببنوك إسلامية وأن الحكومة تدرس هذا الطلب, أما كوننا ننساب مع الناس ونستحسن بعقولنا ما منعه الشرع هذا خطأ, هذا من جنس ما استحسن المعطلة معطلة الأسماء والصفات من الأشاعرة وغيرهم استحسنوا أن ينكروا من صفات الله ما يثبته الله لنفسه, لحجة أن العقل ينكرها, عليك بكتاب الله وسنة رسوله, وهما المتبوعان لا التابعان.
نسأل الله أن يرزقنا وإياكم التمسك بدينه والوفاة عليه, إنه على كل شيء قدير, وإلى هنا انتهى المجلس, والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.