من صور بيع التقسيط المُحرَّم
عدد الزوار
85
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
بيع التقسيط للسيارات: تأتي سيارة لصاحب المعرض ثم يبيعها صاحب المعرض على شخص والشخص يقسطها على ثالث، صاحب السيارة التي اشتراها يبيعها ثم تعود إلى صاحب المعرض من جديد، وقد تعود إلى صاحب المعرض أكثر من مرة ومرتين، ما رأيك في هذا الموضوع؟
الإجابة :
أرى أولاً: أن هذه المعاملة لا تجوز؛ أن يأتي شخص للتاجر، ويقول: أريد سيارة منك بالتقسيط، ثم يأمره التاجر بالذهاب إلى المعرض ويختار ما يشاء من السيارات، ثم يرجع إلى التاجر، ويقول: أختار السيارة الفلانية، فيشتريها التاجر من المعرض ثم يبيعها على هذا المحتاج، هذه حرام، ولا شك أنها حيلة؛ فإن التاجر بدل أن يعطي هذا الرجل قيمة السيارة نقداً، ويقول: قيمة السيارة عليك بكذا نقداً وعليك بأكثر إلى سنة، لا فرق بين هذا وبين أن يقول: اذهب واشترِ السيارة لي ثم أبيع عليك.
واعلم أن المعاملات بالحيلة أشد إثماً من المعاملات الصريحة؛ لأن الذي يتحيل على محرم يكون قد فعل محرماً، ويكون قد خدع الإسلام وشابه اليهود، فإن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: «لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل» والمثل واضح، هذا رجل احتاج سيارة من معرض قيمتها خمسون ألف ريال، ثم ذهب إلى التاجر، وقال: إني احتجت إلى سيارة قيمتها خمسون ألف ريال أقرضني خمسين ألفاً مقسطة كل شهر أدفع ألفين، فأقرضه خمسين ألفاً نقداً مؤجلة كل شهر يدفع ألفي ريال، واشترى الرجل السيارة وذهب، هذه لا شك فيها أنها حرام لأن الدراهم بدراهم مع الفضل والتأخير، والفضل: الزيادة، أي فرق بين هذه الصورة وبين أن يقول التاجر: أشتري السيارة من أجلك بخمسين ألفاً نقداً وأعطيها المعرض ثم أبيعها لك بسبعين ألفاً مقسطة إلى ثلاث سنوات مثلاً؟! أي فرق بينهما في الصورة، لا فرق في الواقع، لا تجعلونا نلعب على الله عز وجل، لا فرق تماماً، بل هذه أخبث؛ لأن هذه حيلة على الربا, والأول رباً صريح، فاعل الربا الصريح يشعر بأنه أتى معصية ويخجل من الله عز وجل، ويحاول أن يتوب، وهذا الذي تحيل على الله يرى أنه في حل مما فعل، فلا يشعر بالخجل من الله عز وجل، ويستمر على ما هو عليه، ولا فرق بين الصورتين، ولا يغرنكم كثرة التعامل، وكثرة التعامل ليس بحجة؛ لأن الله يقول: ﴿وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمْ الْمُرْسَلِينَ﴾[القصص: 65] ، ويقول عز وجل: ﴿وَلَنْ يَنفَعَكُمْ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ﴾[الزخرف: 39] فالمسألة واضحة جداً أنها حرام، حتى وإن أفتى بعض الناس بحلها فهو خطأ، والعاقل يعرف أيهما أعظم: هذه الحيلة أو حيلة اليهود الذين حرمت عليهم الشحوم فأذابوها أولاً، ثم باعوها وأكلوا ثمنها؟ الحيلة التي ذكرت لكم أشد من هذه الحيلة، لأن اليهود ما أكلوا الشحم بل ولا باعوا الشحم وإنما أذابوه ثم باعوه وأكلوا ثمنه.
إذاً البيع على هذا الوجه حرام ولا يجوز، حتى لو أكل الإنسان خفاف الإبل فلا يتعامل هذه المعاملة.
المصدر :
الشيخ ابن عثيمين من لقاءات الباب المفتوح، لقاء رقم(205)