ما هو واجب الإمام إذا أمر المأمومين بالتسوية ولم يمتثلوا ؟
عدد الزوار
70
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
سئل فضيلة الشيخ: هل المراد بقول الإمام: استووا واعتدلوا استقامة الصف واعتداله، أو أنه متضمن لسد الفرجات، وإلصاق القدم بالقدم، والمنكب بالمنكب ؟ وما صحة الحديث الذي ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لتسوون بين صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم» فنرجو التوضيح والله يحفظكم ؟
الإجابة :
أولاً: يجب أن نعلم أن على الإمام مسئولية تسوية الصفوف، وأن يأمر الناس بذلك، وإذا لم يمتثلوا تقدم هو بنفسه إلى من تأخر عن الصف أو تقدم ليعدله؛ لأن نبينا وإمامنا وقدوتنا محمداً رسول الله - صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم -كان يسوي الصفوف كأنما يسوي القداح، وكان يمر بالصف يمسح المناكب والصدور، ويأمرهم بالاستواء. والأئمة اليوم لا يفعلون ذلك، ولو فعلوا لقام الناس عليهم وصاحوا بهم، ولكن سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - أحق أن تتبع.
فعلى الإمام أن يعتني بتسوية الصفوف فيلتفت يميناً، ويستقبل الناس بوجهه، ويلتفت يساراً ويقول: استووا، سووا صفوفكم، لا تختلفوا قلوبكم، تراصوا، سدوا الخلل، كل هذه الكلمات وردت عن النبي - صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم - .
وقد خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - يوماً من الأيام بعد أن عقل الناس عنه تسوية الصفوف، وصاروا يسوونها بأنفسهم، فرأى رجلاً بادياً صدره، يعني متقدماً بعض الشيء، فقال: «عباد الله لتسون بين صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم». وهو حديث صحيح، وفيه وعيد شديد؛ لأن مخالفة الله بين الوجوه قيل فيها معنيان:
إما أن الله يدير وجه الإنسان فيكون وجهه إلى كتفه والعياذ بالله.
وإما أن المراد ليخالفن الله بين وجهات نظركم فتفترق القلوب وتختلف لقوله - صلى الله عليه وسلم - : «لا تختلفوا فتختلف قلوبكم». وأياً كان الأمر سواء لي الرقبة حتى يكون الوجه إلى جانب البدن، أو أن المراد اختلاف القلوب، فكله وعيد شديد، ويدل على وجوب تسوية الصفوف وأنه يجب على الإمام أن يعنى بتسوية الصف، لكن لو التفت ووجد الصف مستقيماً متراصاً والناس متساوون في أماكنهم، فالظاهر أنه لا يقول لهم استووا لأنه أمر بما قد حصل إلا أن يريد اثبتوا على ذلك.
لأن هذه الكلمات لها معناها، ليست كلمات تقال هكذا بلا فائدة، فالإمام إذا قال: استووا ورآهم لم يستووا، يجب أن يعيد القول وألا يكبر إلا وقد استوت الصفوف.
ومما يدل على أهمية تسوية الصفوف في الصلاة أن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه، وكذلك عثمان - رضي الله عنه - لما كثر الناس جعل وكيلاً يمر بالصوف يسويها، حتى إذا جاء وقال إنها استوت كبر.
وهذا يدل على عناية الشرع بتسوية الصف.
فإلصاق القدم بالقدم والمنكب بالمنكب لأمرين:
الأمر الأول: التسوية.
الأمر الثاني: سد الفرج والخلل. كما قال الحافظ ابن حجر في " فتح الباري ": "المراد بذلك المبالغة في تعديل الصف وسد خلله". وبذلك يعلم خطأ من فهم من فعل الصحابة أنهم يفرجون بين أرجلهم حتى يلزق أحدهم قدمه بقدم صاحبه مع تباعد ما بين مناكبهم فإن هذا بدعة لا يحصل بها اتباع الصحابة - رضي الله عنهم - ولا يحصل بها سد الخلل.
المصدر :
مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين(13/56- 58)