حكم الأضحية ما هي شروطها ؟ وهل تشرع عن الأموات ؟
عدد الزوار
136
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله - : عن حكم الأضحية ؟ وما شروطها ؟ وهل تشرع عن الأموات ؟
الإجابة :
الأضحية سنة مؤكدة، وقال بعض العلماء: إنها واجبة، ولكل قوم دليلٌ استدلوا به، والاحتياط ألا يدعها الغني الذي أغناه الله تبارك وتعالى، وأن يجعلها من نعمة الله عليه، حيث يشارك الحجاج في شيء من النسك، فإن الحجاج في أيام العيد يذبحون هداياهم، وأهل الأمصار يذبحون ضحاياهم، فمن رحمة الله تبارك وتعالى أن شرع لأهل الأمصار أن يضحوا في أيام الأضحية ليشاركوا الحجاج في شيء من النسك.
ولهذا نقول: القادر عليها لا ينبغي أن يدعها.
ثم الأضحية ليست للأموات، الأضحية للأحياء، وليست بسنة للأموات، ودليل ذلك: أن الشرع إنما يأتي من عند الله - عز وجل - ورسوله - صلى الله عليه وسلم - ، والذي جاءت به السنة هي الأضحية عن الأحياء، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - مات له أقارب ولم يضحِّ عنهم، كل أولاده توفُّوا قبله عليه الصلاة والسلام، منهم الذي بلغ الحُلُم، ومنهم من لم يبلغ الحلم، فأبناؤه ماتوا قبل أن يبلغوا الحلم، وبناته مِتْنَ بعد أن بلَغْنَ الحُلُم، إلا فاطمة- رضي الله عنها - ، فقد بقيت بعده، ومات له زوجتان: خديجة، وزينب بنت خزيمة - رضي الله عنهما - ، ولم يضحِّ عنهما، واستشهد عمُّه حمزة بن عبد المطلب - رضي الله عنه - ولم يضحِّ عنه، فهو عليه الصلاة والسلام لم يشرع الأضحية عن الميت، ولم يدعُ أمَّته إلى ذلك.
وعلى هذا فنقول: ليس من السنة أن يُضحَّى عن الميت؛ لأن ذلك لم يرد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ولا علمته واردًا عن الصحابة أيضًا، نعم إذا أوصى الميت أن يضحَّى عنه فهنا تُتبع وصيته ويَضحى عنه، اتباعًا لوصيته، وكذلك إذا دخل الميت مع الأحياء ضمنًا كأن يضحي الإنسان عنه وعن أهل بيته، وينوي بذلك الأحياء والأموات، وأما أن يُفردَ الميت بأضحية من عنده، فهذا ليس من السنة.
أما الأضحية نفسها فلها شروط: منها ما يتعلق بالوقت.
ومنها ما يتعلق بنفس الأضحية.
أما الوقت: فإن الأضحية لها وقت محدد لا تشرع قبله ولا بعده.
ووقتها: من فراغ صلاة العيد إلى مغيب الشمس ليلة الثالث عشرة، فتكون الأيام أربعة: هي يوم العيد.
وثلاثة أيام بعده.
فمن ضحَّى في هذه المدة ليلاً أو نهارًا فأضحيته صحيحة، من حيث الوقت، ومن ضحى قبل الصلاة فشاته شاة لحم لا تجزئ عن الأضحية، وعليه أن يذبح بدلها، ومن ضحى بعد غروب الشمس في اليوم الثالث عشر لم تجزِ عن الأضحية اللهم إلا أن يكون معذورًا.
وأما شروطها بنفسها، فيشترط فيها:
الشرط الأول: أن تكون من بهيمة الأنعام: وهي الإبل والبقر والغنم، ضأنها ومعزها، فمن ضحَّى بشيء غير بهيمة الأنعام لم تُقبل منه، مثل أن يُضحِّي الإنسان بفرس، أو بغزال، أو بنعامة، فإن ذلك لا يُقبل منه ؟ لأن الأضحية إنما وردت في بهيمة الأنعام، والأضحية عبادة وشرع، لا يُشرع منها ولا يُتعبد لله بشيء منها إلا بما جاء به الشرع، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» أي مردود.
الشرط الثاني: أن تبلغ السن المعتبر شرعًا:
وهي في الضأن: ستة أشهر.
وفي المعز: سنة.
وفي البقر: سنتان.
وفي الإبل: خمس سنوات.
فمن ضحى بما دون ذلك فلا أُضحية له، فلو ضحى بشيء من الضأن له خمسة أشهر لم تصح الأضحية به، أو بشيء من المعز له عشرة أشهر لم تصح الأضحية به، أو بشيء من البقر له سنة وعشرة أشهر لم تصح الأضحية به، أو بشيء من الإبل له أربع سنين وستة أشهر لم تصح به، فلابد أن يبلغ السن المعتبر، ودليل ذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : «لا تذبحوا إلا مُسِنَّة- يعني ثنيّة- إلا أن تعْسُرَ عليكم فتذبحوا جَذَعة من الضأن».
الشرط الثالث: أن تكون سليمة من العيوب المانعة من الإجزاء:
وهي أربعة: أجاب بها النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث سُئل: ماذا يُتقى من الضحايا ؟ فقال: «أربع: العوراء البيِّن عورها، والمريضة البيّن مرضها، والعرجاء البيِّن عرجها، والعجفاء التي لا تُنقي» أي ليس فيها مُخ، لهزالها وضعفها، وما كان مثل هذه العيوب أو أشد فهو بمعناها، له حكمها، فهذه ثلاثة شروط عائدة إلى ذات الأضحية، والشرط الرابع عائد إلى وقتها وسبق بيانه.
أما كيف توزع: فقد قال الله تعالى: ﴿لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ﴾[الحج: 28] وقال سبحانه: ﴿وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾[الحج: 36] فيأكل الإنسان منها، ويتصدق منها على الفقراء، ويُهدي منها للأغنياء، تألُّفًا وتحبُّبًا، حتى يجتمع في الأضحية ثلاثة أمور مقصودة شرعية:
الأمر الأول: التمتع بنعمة الله، وذلك في الأكل منها.
الأمر الثاني: رجاء ثواب الله، وذلك بالصدقة منها.
الأمر الثالث: التودّد إلى عباد الله، وذلك بالهدية منها.
وهذه معانٍ جليلة مقصودة للشرع، ولهذا استحب بعض العلماء أن تكون أثلاثًا، فثُلثٌ يأكله، وثُلثٌ يتصدق به، وثُلث يهديه.
المصدر :
مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين(25/10-14)