عدد الزوار 141 التاريخ Monday, January 31, 2022 1:50 PM
عَلَامَاتُ الأَحَادِيثِ المَوْضُوعَةِ
سُئِلَ فَضِيلَةُ الشَّيْخِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ النُّمَيُّ – حَفِظَهُ اللهُ -: هَلْ لِلْأَحَادِيثِ المَوْضُوعَةِ عَلَامَةٌ؟
فأجاب: نَعَمْ، تُعْرَفُ الأَحَادِيثُ المَوْضُوعَةُ مِنْ جِهَةِ الإِسْنَادِ؛ بِوُجُودِ كَذَّابٍ فِيهِ، وَمِنْ جِهَةِ المَتْنِ؛ كَنَكَارَةٍ فِي لَفْظِهِ أَوْ مَعْنَاهُ، وَمِنْ جِهَةِ حُكْمِ الرَّاسِخِينَ فِي عِلْمِ الحَدِيثِ وَعُلُومِهِ وَعِلْمِ العِلَلِ وَعِلْمِ الرِّجَالِ عَلَيْهِ بِالوَضْعِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي إِسْنَادِهِ وَضَّاعٌ.
مِثَالٌ: قَالَ ابْنُ مَاجَهْ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَا: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ (وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى: عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ)، عَن عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، إِنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَامَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، فَقَالَ: الْمَرْأَةُ تَرِثُ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا وَمَالِهِ، وَهُوَ يَرِثُ مِنْ دِيَتِهَا وَمَالِهَا، مَا لَمْ يَقْتُلْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، فَإِذَا قَتَلَ أَحدُهُمَا صَاحِبَهُ عَمْدًا لَمْ يَرِثْ مِنْ دِيَتِهِ وَمَالِهِ شَيْئًا، وَإِنْ قَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ خَطَأً وَرِثَ مِنْ مَالِهِ وَلَمْ يَرِثْ مِنْ دِيَتِهِ. قَالَ البُوصِيرِيُّ: هَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ، مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ هُوَ المَصْلُوبُ، قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: حَدِيثُهُ مَوْضُوعٌ.
وَمِثَالٌ آخَرُ: وَقَعَ فِي شُبَهِ الْوَضْعِ مِنْ غَيْرِ تَعَمُّدٍ، ثَابِتُ بْنُ مُوسَى الزَّاهِدُ فِي حَدِيثِ: "مَنْ كَثُرَتْ صَلَاتُهُ بِاللَّيْلِ حَسُنَ وَجْهُهُ بِالنَّهَارِ". رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. وَبَيَّنَ أَهْلُ العِلْمِ أَنَّهُ غَلَطٌ غَيْرُ مَقْصُودٍ. وَالأَمْثِلَةُ كَثِيرَةٌ.
وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: إِنَّمَا يُعْرَفُ كَوْنُ الْحَدِيثِ مَوْضُوعًا بِإِقْرَارِ وَاضِعِهِ، أَوْ مَا يَتَنَزَّلُ مَنْزِلَةَ إِقْرَارِهِ، وَقَدْ يَفْهَمُونَ الْوَضْعَ مِنْ قَرِينَةِ حَالِ الرَّاوِي أَوِ الْمَرْوِيِّ، فَقَدْ وُضِعَتْ أَحَادِيثُ طَوِيلَةٌ يَشْهَدُ بِوَضْعِهَا رَكَاكَةُ أَلْفَاظِهَا وَمَعَانِيهَا.
وَقَالَ ابْنُ القَيِّمِ: الأَحَادِيثُ الْمَوْضُوعَةُ عَلَيْهَا ظُلْمَةٌ، وَرَكَاكَةٌ، وَمُجَازَفَاتٌ بَارِدَةٌ، تُنَادِي عَلَى وَضْعِهَا وَاخْتِلاقِهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ مِثْلَ حَدِيثِ: "مَنْ صَلَّى الضُّحَى كَذَا وَكَذَا رَكْعَةً، أُعْطِيَ ثَوَابَ سَبْعِينَ نَبِيًّا".
وَكَأَنَّ هَذَا الْكَذَّابَ الخَبِيثَ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ غَيْرَ النَّبِيِّ لَوْ صَلَّى عُمْرَ نُوحٍ - عَلَيْهِ السَّلامُ - لَمْ يُعْطَ ثَوَابَ نَبِيٍّ وَاحِدٍ.