عدد الزوار 146 التاريخ Wednesday, August 25, 2021 7:59 AM
فَأَجَابَ: يُقْصَدُ مِنَ الْأَذَانِ إِعْلَامُ النَّاسِ بِدُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ، وَبِشَعَائِرِ التَّوْحِيدِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ، وَهُوَ الْأَذَانُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ عَلَى مَكَانٍ مُرْتَفِعٍ، كَسَطْحِ الْمَسْجِدِ وَنَحْوِهِ، فَفِي الصَّحِيحَيْنِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كَانَ لِرَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – مُؤَذِّنَانِ: بِلَالٌ، وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ الْأَعْمَى، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ». قَالَ: وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا إِلَّا أَنْ يَنْزِلَ هَذَا وَيَرْقَى هَذَا.
وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ بِسَنَدٍ فِيهِ مَقَالٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ، قَالَتْ: كَانَ بَيْتِي مِنْ أَطْوَلِ بَيْتٍ حَوْلَ الْمَسْجِدِ، وَكَانَ بِلَالٌ يُؤَذِّنُ عَلَيْهِ الْفَجْرَ، فَيَأْتِي بِسَحَرٍ فَيَجْلِسُ عَلَى الْبَيْتِ يَنْظُرُ إِلَى الْفَجْرِ، فَإِذَا رَآهُ تَمَطَّى، ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَحْمَدُكَ وَأَسْتَعِينُكَ عَلَى قُرَيْشٍ أَنْ يُقِيمُوا دِينَكَ»، قَالَتْ: ثُمَّ يُؤَذِّنُ، قَالَتْ: وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُهُ كَانَ تَرَكَهَا لَيْلَةً وَاحِدَةً - تَعْنِي هَذِهِ الْكَلِمَاتِ -. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.
وَفِي المُسْنَدِ وَالاسْتِذْكَارِ لِابْنِ عَبْدِ البَرِّ وَغَيْرِهِمَا، وَجَوَّدَ إِسْنَادَهُ ابْنُ رَجَبٍ، حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ رَجُلًا قَامَ وَعَلَيْهِ بُرْدَانِ أَخْضَرَانِ عَلَى جِذْمِ حَائِطٍ، فَأَذَّنَ مَثْنَى مَثْنَى، وَأَقَامَ مَثْنَى مَثْنَى، وَقَعَدَ قَعْدَةً بَيْنَهُمَا، قَالَ: فَسَمِعَ بِذَلِكَ بِلَالٌ فَقَامَ فَأَذَّنَ مَثْنَى، وَقَعَدَ قَعْدَةً وَأَقَامَ مَثْنَى، يَشْفَعُونَ الْأَذَانَ وَالْإِقَامَةَ.
فَالمَقْصُودُ أَنَّ الأَذَانَ شَعِيرَةٌ تُرْفَعُ؛ لِيَسْمَعَهُ مَنْ هُوَ خَارِجُ المَسْجِدِ، وَلَيْسَ القَصْدُ هُوَ رُؤْيَةُ المُؤَذِّنِ.
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُغِيرُ إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ، وَكَانَ يَسْتَمِعُ الأَذَانَ، فَإِنْ سَمِعَ أَذَانًا أَمْسَكَ، وَإِلَّا أَغَارَ، فَسَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "عَلَى الْفِطْرَةِ"، ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "خَرَجْتَ مِنَ النَّارِ"، فَنَظَرُوا فَإِذَا هُوَ رَاعِي مِعْزًى. رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالسِّيَاقُ لَهُ.
وَإِذَا كَانَ الْبَلَدُ فِي حَاجَةٍ إِلَى أَنْ يُؤَذِّنَ الْمُؤَذِّنُ بِالسَّطْحِ وَنَحْوِهِ؛ لِيُشَاهَدَ وَيُسْمَعَ صَوْتُهُ: فَحَسَنٌ.
وَإِذَا كَانَ يُوجَدُ مُكَبِّرَاتُ صَوْتٍ دَاخِلَ الْمَسْجِدِ، يَنْتَقِلُ مِنْ خِلَالِهَا الصَّوْتُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ، وَحَصَلَ الْمَقْصُودُ - بَلْ رُبَّمَا يَكُونُ أَكْثَرَ أَمَانًا وَسِتْرًا فِي بَعْضِ الْمَنَاطِقِ -: فَلَا يُنْكَرُ ذَلِكَ، وَلَا يُقَالُ: بِدْعَةٌ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ –، قَالَ: "مِنَ السُّنَّةِ الْأَذَانُ فِي الْمَنَارَةِ، وَالْإِقَامَةُ فِي الْمَسْجِدِ"، فَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ، وَمَعْنَاهُ تَقَدَّمَ.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.