عدد الزوار 123 التاريخ Wednesday, August 25, 2021 7:56 AM
فَأَجَابَ: مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ بِعِبَادِهِ، وَلُطْفِهِ بِهِمْ، وَجُودِهِ وَكَرَمِهِ: أَنَّ عَبْدَهُ إِذَا هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا، كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةٌ، وَإِنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا لِوَجْهِ اللَّهِ، كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ حَسَنَةٌ فِي تَرْكِهَا، لَمْ يُؤْجَرْ عَلَى التَّرْكِ، وَلَمْ يَأْثَمْ عَلَى الْهَمِّ بِهَا، مَا لَمْ يُبَاشِرْ أَسْبَابَ الْفِعْلِ مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ؛ فَإِنَّهُ بِذَلِكَ يَأْثَمُ، وَمَا لَمْ تَكُنْ إِرَادَةُ السُّوءِ وَعَزِيمَةُ الْفِعْلِ بِالْحَرَمِ الْمَكِّيِّ خَاصَّةً. قَالَ تَعَالَى: (وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ).
وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي تَفْسِيرِهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: "لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَرَادَ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ، وَهُوَ بِعَدَنِ أَبْيَنَ، أَذَاقَهُ اللَّهُ مِنَ الْعَذَابِ الْأَلِيمِ". وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي رَفْعِهِ وَوَقْفِهِ. قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ، وَوَقْفُهُ أَشْبَهُ مِنْ رَفْعِهِ.
وَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "إِذَا الْتقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا، فَالْقَاتِلُ وَالمَقْتُولُ فِي النَّارِ". قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا الْقَاتِلُ، فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ؟ قَالَ: "إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إِنَّ اللهَ تَجَاوَزَ لأُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا، مَا لَمْ يَتَكَلَّمُوا أَوْ يَعْمَلُوا بِهِ". أَخْرَجَهُ السِّتَّةُ.
وَثَبَتَ عَنْ أَبِي كَبْشَةَ الأَنْمَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، يَقُولُ: «ثَلَاثَةٌ أُقْسِمُ عَلَيْهِنَّ، وَأُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا فَاحْفَظُوهُ». قَالَ: «مَا نَقَصَ مَالُ عَبْدٍ مِنْ صَدَقَةٍ، وَلَا ظُلِمَ عَبْدٌ مَظْلَمَةً فَصَبَرَ عَلَيْهَا، إِلَّا زَادَهُ اللَّهُ عِزًّا، وَلَا فَتَحَ عَبْدٌ بَابَ مَسْأَلَةٍ إِلَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَابَ فَقْرٍ، أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا».
«وَأُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا فَاحْفَظُوهُ»، قَالَ: "إِنَّمَا الدُّنْيَا لِأَرْبَعَةِ نَفَرٍ، عَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالًا وَعِلْمًا، فَهُوَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ، وَيَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ، وَيَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا، فَهَذَا بِأَفْضَلِ المَنَازِلِ، وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ عِلْمًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ مَالًا، فَهُوَ صَادِقُ النِّيَّةِ يَقُولُ: لَوْ أَنَّ لِي مَالًا لَعَمِلْتُ بِعَمَلِ فُلَانٍ، فَهُوَ بِنِيَّتِهِ فَأَجْرُهُمَا سَوَاءٌ، وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ عِلْمًا، فَهُوَ يَخْبِطُ فِي مَالِهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ، لَا يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ، وَلَا يَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ، وَلَا يَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا، فَهَذَا بِأَخْبَثِ المَنَازِلِ، وَعَبْدٍ لَمْ يَرْزُقْهُ اللَّهُ مَالًا وَلَا عِلْمًا، فَهُوَ يَقُولُ: لَوْ أَنَّ لِي مَالًا لَعَمِلْتُ فِيهِ بِعَمَلِ فُلَانٍ، فَهُوَ بِنِيَّتِهِ فَوِزْرُهُمَا سَوَاءٌ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: «هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ».