وقع في المعاصي ثم تاب إلى الله فهل تقبل توبته؟
عدد الزوار
102
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
بارك الله فيكم فضيلة الشيخ: هذا الشاب من مصر يقول: بأنه ارتكب بعض المعاصي فتاب إلى الله توبةً نصوحاً فهل لي من توبة من ذلك مأجورين؟
الإجابة :
أروي قصة رواها لنا نبينا -صلى الله عليه وسلم- عن رجلٍ كان فيمن سبق قتل تسعة وتسعين نفساً بغير حق ثم ذهب إلى راهب يعني عابد من العباد فقال له إنه قتل تسعة وتسعين نفساً بغير حق فهل لي من توبة قال الراهب ليس لك توبة؛ لأن الراهب استعظم الأمر أن يكون قتل تسعة وتسعين نفساً ثم يتوب قال ليس لك من توبة فلم يعجبه هذا الجواب فقتل الراهب فأتم به المائة فصار مائة نفس قتلهم بغير حق ثم دل على عالم فسأله وقال إني قتلت مائة نفس فهل لي من توبة قال له ومن يحول بينك وبين التوبة باب التوبة مفتوح ولكن أنت في دارٍ يعني في بلدٍ أهلها أهل سوء لكن اذهب إلى القرية الفلانية أو قال البلد الفلاني يعني فإن فيها قوماً صالحين فذهب وفي أثناء الطريق جاءه الموت فنزلت إليه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب واختصموا أيهم يقبض روحه نسأل الله تعالى أن يتولى قبض أرواحنا ملائكة الرحمة تنازعوا فبعث الله إليهم من يحكم بينهم وقال قيسوا ما بين القريتين فإلى أيهما كان أقرب فهو من أهلها فقاسوا ما بينهما فكان أقرب إلى قرية أهل الصلاح فقبضته ملائكة الرحمة.
هذا وهو ممن كان قبلنا ممن كانت عليهم الآصار والأغلال وهذه الأمة ولله الحمد رفع عنها بنبيها -صلى الله عليه وسلم- الآصار والأغلال وقال تعالى في كتابه: ﴿قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾[الزمر: ٥٣] وقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً﴾[الفرقان: ٦٨ ، 70] فهؤلاء قومٌ أشركوا وقتلوا النفس بغير حق وزنوا فانتهكوا حق الله الذي هو أعظم الحقوق وانتهكوا دماء النفوس المحرمة وانتهكوا الأعراض ومع ذلك يقول الله -عزّ وجلّ- فيهم: ﴿إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً﴾[الفرقان: 70] حتى المنافقون إذا تابوا تاب الله عليهم لقوله تعالى: ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً * إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً﴾[النساء: 145-146].
فنقول لهذا الأخ السائل: إذا تبت إلى الله من أي ذنب فإن الله يتوب عليك مهما عظم الذنب وربما تكون بعد التوبة أحسن حالاً منك قبل التوبة ولكن إذا كان الذنب يتعلق بآدمي فابرأ منه فإذا كان مالاً فرده إليه وإن كان مظلمة عرض كما لو اغتبته في المجالس فاستحله إن كان علم أنك اغتبته أو خشيت أن يعلم وإن لم يعلم بالغيبة ولا تخشى أن يعلم فاستغفر له وأثني عليه بما هو فيه من الخير والخصال الحميدة في المواطن التي كنت اغتبته فيها ونسأل الله لنا ولكم التوبة.
المصدر :
الشيخ ابن عثيمين من فتاوى نور على الدرب