حكم الدعوة إلى الله، وما واجب طلاب العلم والعلماء تجاه الدعوة إلى الله؟
عدد الزوار
114
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
سئل فضيلة الشيخ -رحمه الله-: ما الواجب على طالب العلم والعالم تجاه الدعوة إلى الله؟
الإجابة :
الدعوة إلى الله واجبة كما قال الله تعالى: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾[النحل:125] وقد جعل الله الدعوة على ثلاث مراتب: الدعوة بالحكمة، وبالموعظة، وبالمجادلة؛ لأن من تدعوه إما أن يكون لا علم عنده ولا منازعة عنده ولا مخالفة فهذا يُدعى بالحكمة، والحكمة هي بيان الحق، وبيان حكمة الحق أن تيسر لك، والموعظة تكون مع من عنده شيء من الإعراض وتوقف عن قبول الحق، فإنك تعظه بالترغيب تارة، وبالترهيب تارة أخرى، وبهما جميعًا إن اقتضت الحال ذلك، والمجادلة تكون مع من عنده إعراض ومنازعة في الحق فإنك تجادله بالتي هي أحسن من القول، أو بالتي هي أحسن بالإقناع.
وانظر إلى مجادلة إبراهيم -عليه السلام- مع الذي حاجه في ربه، قال الله عن ذلك: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آَتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾[البقرة: 258].
وكيف هذا؟ يؤتى بالرجل مستحقًا للقتل فلا يقتله، وهذا بزعمه إحياؤه، ويؤتى بالرجل لا يستحق القتل فيقتله وهذا بزعمه إماتته، يمكن أن يجادل هذا بأن يقال: إنك إذا أوتيت بالرجل المستحق القتل فلم تقتله، إنك ما أحييته؛ لأن الحياة موجودة فيه من قبل، ولكنك أبقيت الحياة بعدم قتله، ويمكن أن تقول: إنه إذا قتل من لا يستحق القتل إنه لم يمته وإنما فعل سببًا يكون به الموت.
ولهذا ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- في قصة الدجال أنه يؤتى إليه بشاب فيشهد هذا الشاب أنه الدجال الذي أخبر عنه النبي -صلى الله عليه وسلم- فيقتله الدجال، ويجعله قطعتين ويمشي بينهما تحقيقًا للتباين بينهما، ثم يناديه الدجال فيقوم متهلهلاً يضحك يقول: أشهد أنك الدجال الذي أخبرنا عنك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثم يأتي ليقتله فلا يقدر. فهذا دليل على أن الأمر كله بيد الله.
فيمكن أن يحاج هذا الرجل بمثل ذلك، ولكن إبراهيم -عليه السلام-، أراد أن يأتي بدليل آخر لا يحتاج إلى محاجة ولا مجادلة، قال إبراهيم: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ﴾[البقرة: 258] فنكص عن الجواب ﴿فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ﴾[البقرة: 258].
فقوله تعالى: ﴿وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾[النحل: 125] أي الأحسن في الأسلوب والإقناع، وبالتالي يجب علينا أن ندعو إلى الله مادام الإنسان قادرًا على ذلك، ولكن الدعوة إلى الله فرض كفاية إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين، فإذا رأيت شخصًا منحرفًا وليس حولك من يدعوه صار الآن فرض عين عليك؛ لأن العلماء يقولون عن فرض الكفاية: إنه إذا لم يوجد سوى هذا الرجل تعين عليه.
المصدر :
مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين(26/325- 327)