حكم من زعم أن أهل الأديان المخالفة . . ينجون من النار ويدخلون الجنة
عدد الزوار
118
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
الحمد لله وحده وبعد:
فقد وردت إلينا الرسالة التالية:
سماحة الشيخ \ عبد العزيز بن عبد الله بن باز حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ظهرت في العصر الحديث فرقة انتشرت في أوربا وأمريكا انضم إليها عدد من المثقفين والمفكرين والمؤلفين المنتسبين إلى الإسلام. وتتلخص عقيدة هذه الفرقة بأن الديانات الكبرى كاليهودية والنصرانية والهندوكية والبوذية وغيرها هي أديان صحيحة ومقبولة عند الله سبحانه وتعالى. وأن المخلصين من أتباعها يصلون إلى الحق وينجون من النار ويدخلون الجنة دون حاجة في كل هذا إلى الدخول إلى الإسلام. .
أرجو من سماحتكم الرد على هذا الزعم.
الإجابة :
و الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد:
فهذا الزعم المذكور باطل بالنصوص من الكتاب والسنة وإجماع العلماء.
أما الكتاب فقوله جل وعلا: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ﴾[آل عمران: 19] وقوله سبحانه: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾[آل عمران: 85].
وقوله عز وجل في سورة المائدة: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾[المائدة: 3] والآيات في هذا المعنى كثيرة.
وأما السنة فمنها قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : «والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أهل النار» ، أخرجه مسلم في صحيحه.
وفي الصحيحين عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال: «أعطيت خمسًا لم يعطهن أحد قبلي ذكر منها وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة» . ويدل على هذا المعنى من القرآن الكريم قوله سبحانه: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا﴾[سبأ: 28]، وقوله عز وجل: ﴿وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ﴾[الأنعام: 19] وقوله سبحانه: ﴿هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ﴾الآية[إبراهيم: 52].
وقوله عز وجل في سورة الأعراف في شأن نبيه محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ﴿فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾[الأعراف: 157] ثم قال سبحانه بعد ذلك: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾[الأعراف: 158].
وقد أجمع العلماء على أن رسالة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ عامة لجميع الثقلين، وأن من لم يؤمن به ويتبع ما جاء به فهو من أهل النار ومن الكفار سواء كان يهوديا أو نصرانيا أو هندوكيا أو بوذيا أو شيوعيا أو غير ذلك.
فالواجب على جميع الثقلين من الجن والإنس أن يؤمنوا بالله ورسوله، وأن يعبدوا الله وحده دون ما سواه، وأن يتبعوا رسوله محمدًا ـ صلى الله عليه وسلم ـ حتى الموت. وبذلك تحصل لهم السعادة والنجاة والفوز في الدنيا والآخرة كما تقدم ذلك في الآيات السابقة والحديث الشريف.
وكما قال الله عز وجل: ﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ * يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ﴾[غافر: 51 ـ 52] وقال سبحانه: ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ﴾[الحج: 40 ـ 41]، وقال عز وجل في سورة النور: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾[النور: 55] والآيات في هذا المعنى كثيرة.
وجميع الديانات المخالفة للإسلام فيها من الشرك والكفر بالله ما يخالف دين الإسلام الذي بعث الله به الرسل وأنزل به الكتب وبعث به محمدا ـ صلى الله عليه وسلم ـ خاتم الأنبياء وأفضلهم. . وفيها عدم الإيمان بمحمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعدم اتباعه، وذلك كاف في كفرهم واستحقاقهم غضب الله وعقابه وحرمانهم من دخول الجنة واستحقاقهم لدخول النار إلا من لم تبلغه دعوة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ. فهذا أمره إلى الله سبحانه وتعالى. والصحيح: أنه يمتحن يوم القيامة فإن أجاب لما طلب منه دخل الجنة وإن عصا دخل النار، وقد بسط العلامة ابن القيم - رحمه الله - هذه المسألة وأدلتها في آخر كتابه: (طريق الهجرتين) تحت عنوان: طبقات المكلفين. فمن أراده فليراجعه ليستفيد منه الفائدة الكبيرة. . والله ولي التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
عبد العزيز بن عبد الله بن باز/ الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
المصدر :
مجموع فتاوى الشيخ ابن باز(7/26- 29)