حكم الالتزام ببعض ما جاء في الشرع وترك بعضه
عدد الزوار
84
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
فهمت مما تفضلتم به سماحة الشيخ أن ديننا كلٌ لا يتجزأ، وأن شريعة الإسلام كتلة واحدة، من أراد أن يقيمها فليقمها جميعًا، ولا يقيم جزءًا ويترك الآخر؟
الإجابة :
هذا فيه تفصيل، هذا الواجب على المسلمين جميعًا، ولكنها مع ذلك فيها تفصيل، فقسم منها إذا تركه الإنسان كفر وصار خارجًا من الإسلام، وصار قد أتى ناقضًا من نواقض الإسلام، كما لو ترك الصلاة أو ترك عبادة الله وحده، وعبد معه سواه، أو كذب الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ، أو تنقصه وطعن فيه، هذا يكون ردة عن الإسلام بالكلية، نسأل الله العافية، وهكذا لو جحد ما أوجب الله من الأمور المعروفة من الدين بالضرورة: جحد وجوب الصلاة، جحد وجوب صوم رمضان، جحد وجوب الزكاة، جحد وجوب الحج مع الاستطاعة، جحد بر الوالدين وأنكره، جحد الجهاد الشرعي، هذه ردة عن الإسلام، وهناك أمور لا تزيل الإسلام، ويبقى معها الإسلام، وإن كان قد أتى ما يخالف الشرع، كما لو زنى، وهو يعلم أن الزنا حرام، ولا يجحد تحريم الزنا، يعلم أنه حرام، هذا لا يكون مرتدًا، عاصٍ ناقص الإيمان، يقام عليه الحد الشرعي إذا ثبت عليه الزنا بإقراره، أو بالبينة، وكذلك إذا عقَّ والديه أو قطع رحمه، ولم يجحد وجوب بر الوالدين وصلة الرحم، ولكنه غلبه هواه وشيطانه حتى عقَّ والديه أو أحدهما أو قطع رحمه، أو أكل الربا وهو يعلم أنه محرم، أو اغتاب أخاه المسلم أو نم عليه، أو كذب عليه أو ما أشبه ذلك من المعاصي، هذه لا تزيل الإسلام، بل هذه تجعل المسلم قد أتى نقصًا في دينه، وضعفًا في إيمانه، فيكون إيمانه ناقصًا ودينه ناقصًا، وهو تحت مشيئة الله إن مات على ذلك، إن شاء ربنا غفر له وإن شاء عذبه، كما قال سبحانه: ﴿إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾[النساء: 48] فالمعاصي التي دون الشرك تحت مشيئة الله، ولا يزول بها الإسلام بالكلية، بل يبقى أصل الإسلام وأصل الدين وكون صاحبها تحت مشيئة الله، فعلم بذلك أن المعاصي قسمان: قسم يزيل الإسلام بالكلية ويعد كفرًا، وقسم لا يزيله، ولكن ينقصه ويضعفه، كالربا والعقوق، والزنا ونحو ذلك ممن فعل ذلك وهو يعلم أنه محرم.
المصدر :
الشيخ ابن باز من فتاوى نور على الدرب(18/252- 254)