كيف نجمع بين قوله: (من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها..) وقوله: (من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء..)
عدد الزوار
85
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
محمد زين الدين من أثيوبيا ما هو التوفيق بين الآيتين الكريمتين في سورة هود أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ﴾[هود: 15] والآية الأخرى في سورة الإسراء ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ﴾[الإسراء: 18] الآية؟
الإجابة :
الجمع بين الآيتين هو أن نقول إن آية هود مقيدة بآية الإسراء فقوله تعالى: ﴿نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا﴾[هود: 15] أي إذا شئنا وتكون الآية هذه مقيدة بقوله تعالى ﴿عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ﴾[الإسراء: 18] وحينئذ ليس بين الآيتين تعارض وبالمناسبة أقول إن كل نصين صحيحين لا يمكن التعارض بينهما فالنصان من كتاب الله لا يمكن التعارض بينهما والنصان من كلام الرسول-صلى الله عليه وسلم-الثابتة عنه لا يمكن التعارض بينهما فإذا وقع مايوهم في التعارض فإما أن يكون الرجل الذي ظن التعارض واهماً وإما أن يكون جاهلاً إما أن يكون واهماً حيث ظن حسب فهمه أن بينهما تعارضاً وليس بينهما تعارض أو يكون جاهلاً بحيث يكون بينهما تعارض لكن كان هناك تخصيص أو تقييد لا يفهمه هو أولا يعلمه فيكون بذلك جاهلاً أما أن يقع التعارض حقيقة بين نصين من كتاب الله أو نصين من سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-الثابت عنه فهذا أمر لا يمكن أبداً لأن كلام الله كله حق وكلام النبي -صلى الله عليه وسلم-الثابت عنه كله حق والحقان لا يمكن أن يتعارضا لأن فرض تعارضهما يستلزم أن يكون أحدهما حقاً والثاني باطلاً وهذا منتفٍ في كلام الله وكلام رسوله -صلى الله عليه وسلم-وحينئذ إذا ظننت التعارض بين نصين فعليك أن تتدبر النصين فإن ظهر لك الجمع فذاك والا فاسأل أهل العلم لقوله تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾[النحل: 43] فإن لم يتيسر لك ذلك فعليك أن تتوقف وتقول سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم فإن هذا هو شان الراسخين في العلم قال الله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا﴾[آل عمران: 7].
المصدر :
الشيخ ابن عثيمين من فتاوى نور على الدرب