الحماس الزائد في الدعوة إلى الله وانعكاساته على الداعية
عدد الزوار
151
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
نجد من بعض الشباب الذين منَّ الله عليهم بالهداية وتمسكوا بكتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وكان عندهم دافع قوي في الدعوة وحماس زائد، فلو تعرضوا في يوم من الأيام إلى فتنةٍ سواء من عدم إلقاء كلمة أو خطبة أو منعوا من بعض الجهات المختصة، فنجدهم يصابون بإحباط، وبعضهم يرتد عن التزامه -والعياذ بالله- أفيدونا جزاكم الله خيراً؟
الشيخ: ما فهمت وجهة سؤالك؟
السائل: ما نصيحتكم لهم وما هي الأسباب التي يجب أن يتمسكوا بها؟
الإجابة :
نصيحتي أن أقول: من تمام الالتزام طاعة ولي الأمر في غير المعصية؛ لأننا لا نطيع ولاة أمورنا؛ لأنهم من آل فلان أو من آل فلان، نطيعهم؛ لأن الله أوصانا بذلك قال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾[النساء:59]، ونعتقد أن طاعتنا لهم في غير معصية طاعة لله -عزّ وجلّ-، فيقال لهؤلاء الملتزمين: ليس عليكم شيء، أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم، هذا من طاعة الله، ما دام أنهم لم يأمروكم بشرب الخمر ولا بشيء من المحرمات فأطيعوهم.
السائل: لو حصلت لأحدهم فتنة تجده يرتد عن التزامه، وهذا يحصل كثيراً؟
الشيخ: هذه مشكلة، وهذا أشار الله إليه في القرآن: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ﴾[الحج:11] أعوذ بالله ﴿خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ﴾[الحج:11] نقول: يا أخي! اتق الله، ما دمت تعلم أن طاعة ولي الأمر واجبة، ومنعك من أن تتكلم، فطاعته من دين الله، فأنت على خير، عمار بن ياسر عندما كان يفتي بأن الجنب يتيمم إذا لم يجد الماء، وكان عمر بن الخطاب لا يرى ذلك، يقول: الجنب يبقى حتى يجد الماء ويغتسل ويصلي، فكان عمار بن ياسر يحدث بأن الجنب يتيمم؛ لأن المسألة وقعت عليه: «لما بعثه الرسول -صلى الله عليه وسلم- هو وعمر في حاجة، فأجنب عمار فتمرغ في الصعيد كما تتمرغ الدابة، ثم أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بذلك، فقال له: إنما كان يكفيك أن تقول بيدك هكذا؛ وضرب بيده الأرض فمسح وجهه ويديه، فلما بلغ عمر أنه يحدث بهذا الحديث أمر أن يؤتى به، وقال ما هذا؟ قال: يا أمير المؤمنين! ألم تذكر حينما بعثني النبي -صلى الله عليه وسلم- وإياك في حاجة وحصل كذا وكذا، ولكن يا أمير المؤمنين! إن شئت - بما جعل الله لك عليَّ من الطاعة-ألا أحدث به فعلت- وهو حديث يرويه عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وقال: إن شئت ألا أحدث به فعلت- قال عمر: نوليك ما توليت» يعني: وحدث به، فالإنسان الملتزم حقيقةً يجب عليه أن يلتزم في كل شئون الدين، ليس في شيء معين، إذا قيل له: لا تتكلم يقول: الحمد لله، لا أتكلم والإثم عليكم، والكلام فرض كفاية، وفيه من يكفي، وليس معناه: أن المسألة موقوفة على عين هذا الرجل لا يبلغ الشرع إلا هو، هناك أناس، فإذا طمأن نفسه بهذا الأمر وامتثل ولم ينابذ، فربما يأتي يوم من الأيام يؤذن له بالكلام، يفتح الله على ناس آخرين يقولون: لماذا منعتم هذا الرجل اتركوه يتكلم، ويؤذن له.
المصدر :
الشيخ ابن عثيمين من لقاءات الباب المفتوح، لقاء رقم(10)