حكم إخراج الإمامين النووي وابن حجر من الفرقة الناجية وما الحكم إذا أخطأ العالم في بعض المسائل العقدية؟
عدد الزوار
146
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
صاحب الفضيلة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين حفظه الله آمين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
حصل نقاش في مكان حضره بعض طلبة العلم المبتدئين وكان نقاشهم حول موضوع الفرقة الناجية وتطرقوا إلى أمور كثيرة من ضمنها أنهم تعرضوا للإمامين الجليلين ابن حجر العسقلاني صاحب الفتح، والنووي صاحب المجموع حيث قال بعضهم أنهما ليسا من الفرقة الناجية؛ لأن عندهما خلل في العقيدة وليسوا على ما كان عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه وهم مسلمون وتحت المشيئة ولكنهم مبتدعة، وقال بعضهم: إنهما إمامان من أئمة أهل السنة والجماعة ولهم سبق في الإسلام وعندهم خلل في العقيدة لكن ذلك عن اجتهاد وتأويل ولا يخرجهما ذلك عن دائرة أهل السنة والجماعة، وهذا خطأ ولهما على اجتهادهما أجر، ورد عليه صاحبه وقال: الخطأ في العقيدة ليس مثل الأخطاء الأخرى، فإذا أخطأ في العقيدة فيخرج عن أهل السنة والجماعة، وإذا أخطأ في غير العقيدة وهو مجتهد فيكون مأجوراً ولو أخطأ، والسؤال يا صاحب الفضيلة هو كالتالي:
1- ما رأيكم في قول الرجلين؟
2- هل الخطأ في العقيدة ولو كان عن اجتهاد وتأويل يلحق صاحبه بالطوائف المبتدعة كالأشاعرة والمعتزلة.
3- هل هذا التقسيم وهو الخطأ في العقيدة أنه ليس كغيره له أصل في الشرع.
آمل من فضيلتكم التكرم علينا بتوضيح هذه المسألة وما يدور حولها لعل الله أن يجعل في جوابكم الخير والنفع للجميع، وفقكم الله والسلام عليكم.
بسم الله الرحمن الرحيم، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الإجابة :
الجواب1: إن الشيخين الحافظين (النووي وابن حجر) لهما قدم صدق ونفع كبير في الأمة الإسلامية، ولئن وقع منهما خطأ في تأويل بعض نصوص الصفات إنه لمغمور بما لهما من الفضائل والمنافع الجمة، ولا نظن أن ما وقع منهما إلا صادرًا عن اجتهاد وتأويل سائغ -ولو في رأيهما- وأرجو الله تعالى أن يكون من الخطأ المغفور، وأن يكون ما قدماه من الخير والنفع من السعي المشكور، وأن يصدق عليهما قول الله تعالى: ﴿إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ﴾[هود: 114]، والذي نرى أنهما من أهل السنة والجماعة، ويشهد لذلك خدمتها لسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وحرصهما على تنقيتها مما ينسب إليها من الشوائب، وعلى تحقيق ما دلت عليه من أحكام ولكنهما خالفا في آيات الصفات وأحاديثها أو بعض ذلك عن جادة أهل السنة عن اجتهاد أخطآ فيه، فنرجو الله تعالى أن يعاملهما بعفوه.
الجواب2: وأما الخطأ في العقيدة: فإن كان خطأ مخالفاً لطريق السلف، فهو ضلال بلا شك، ولكن لا يحكم على صاحبه بالضلال حتى تقوم عليه الحجة، فإذا قامت عليه الحجة، وأصر على خطئه وضلاله، كان مبتدعًا فيما خالف فيه الحق، وإن كان سلفيًا فيما سواه، فلا يوصف بأنه مبتدع على وجه الإطلاق، ولا بأنه سلفي على وجه الإطلاق، بل يوصف بأنه سلفي فيما وافق السلف، مبتدع فيما خالفهم، كما قال أهل السنة في الفاسق: إنه مؤمن بما معه من الإيمان، فاسق بما معه من العصيان، فلا يعطي الوصف المطلق ولا ينفى عنه مطلق الوصف، وهذا هو العدل الذي أمر الله به، إلا أن يصل المبتدع إلى حد يخرجه من الملة فإنه لا كرامة له في هذه الحال.
الجواب3: لا أعلم أصلاً للتفريق بين الخطأ في الأمور العلمية، والعملية لكن لما كان السلف مجمعين فيما نعلم على الإيمان في الأمور العلمية الخبرية والخلاف فيها إنما هو في فروع من أصولها لا في أصولها كان المخالف فيها أقل عددًا وأعظم لومًا.
وقد اختلف السلف في شيء من فروع أصولها كاختلافهم، هل رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- ربه في اليقظة؟
واختلافهم في اسم الملكين اللذين يسألان الميت في قبره. واختلافهم في الذي يوضع في الميزان أهو الأعمال أم صحائف الأعمال، أم العامل؟
واختلافهم هل يكون عذاب القبر على البدن وحده دون الروح؟
واختلافهم هل يسأل الأطفال وغير المكلفين في قبورهم؟
واختلافهم هل الأمم السابقة يسألون في قبورهم كما تسأل هذه الأمة؟
واختلافهم في صفة الصراط المنصوب على جهنم؟
واختلافهم هل النار تفنى أو مؤبدة؟ وأشياء أخرى وإن كان الحق مع الجمهور في هذه المسائل، والخلاف فيها ضعيف.
وكذلك يكون في الأمور العملية خلاف، يكون قويًا تارة وضعيفًا تارة.
وبهذا تعرف أهمية الدعاء المأثور: «اللهم فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم».
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. كتبه محمد الصالح العثيمين في 17/5/1414 ه-.
المصدر :
مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين(26/296)