بيان الموقف الصحيح نحو العلماء
عدد الزوار
159
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
سماحة الشيخ محمد بن صالح العثيمين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
نسأل الله لكم التوفيق والسداد والعناية وأن يجزيكم على ما قدمتموه لهذا الدين خير الجزاء.
سماحة الشيخ، نحن إخوانكم في إندونيسيا نحبكم في الله ونتابع أخباركم وفتاواكم، ونستفيد كثيراً من علومكم عن طريق كتبكم وأشرطتكم، وفي هذه المناسبة نستفتيكم فيما كتبه أحد الدعاة في
إحدى مجلات إندونيسيا المسماة بـ (سلفي) قال: (أهل الرأي هم أهل الفكر الذين يستدلون بالقياس أكثر من استدلالهم بالقرآن والحديث، وإمامهم أبو حنيفة النعمان بن ثابت). وقال: (وأهم شيء في هذا المبحث هو: في أية مسألة نهينا أخذ مفاهيم دينية منه (أبو حنيفة)، حتى لا نغتر بعده؟ روايات منقولة عنه ضل فيها هو) وقال: (بل أهل السنة يحترمون أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بكل احترام، لكن لا يمنعهم ذلك من انتقادهم بأسلوب علمي مؤدب فيما أخطئوا فيه من أجل ألا يتبعوا ما أخطئوا)، ثم قال: (في المسائل العقدية والفقهية كثيراً ما اعتمد أبو حنيفة على قياس، وينقص الاهتمام بالأدلة من السنة النبوية)، ثم قال: (هناك روايات تؤكد على أن أبا حنيفة مرجئي، والإرجاء مذهب بدعي مبني على أن الإيمان قول واعتقاد في القلب، دون جعل العمل من ضمنه)، ثم نقل أقوال العلماء الذين تكلموا على أبي حنيفة بكلام شديد التي رواها الإمام اللالكائي مثل قول الثوري، وابن أبي ليلى والحسن بن صالح، وشريك بن عبد الله، وأقوال الأئمة الأخرى مثل ابن قتيبة وابن أبي شيبة، ثم قال: (لكن موقف شيخ الإسلام ابن تيمية من مخالفة أبي حنيفة لأحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم- يختلف عن موقف الأوزاعي منها، حيث قال: (ومن ظن بأبي حنيفة أو غيره من أئمة المسلمين أنهم يتعمدون مخالفة الحديث الصحيح لقياس أو غيره فقد أخطأ عليهم، وتكلم إما بظن وإما بهوى). (مجموع الفتاوى 20/304) ثم علق عليه وقال: (موقف شيخ الإسلام المذكور أعلاه لولا أنه خالف آراء الأئمة السابقين مثل الأوزاعي وابن قتيبة وابن أبي شيبة وغيرهم لقبلناه واعتمدنا عليه في موقفنا نحو أخطاء أبي حنيفة في المسائل الفقهية، لكن عصر شيخ الإسلام بعيد عن أبي حنيفة، والأئمة الذين خالفهم أبو حنيفة عاصروه، أو جاءوا بعده بفترة قصيرة فيكون موقفهم نحو أبي حنيفة أرجح من موقف ابن تيمية نحوه).
ما الموقف الصحيح نحو الإمام أبي حنيفة؟ نرجو توجيهاتكم.
الإجابة :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الموقف الصحيح نحو الأئمة الذين لهم أتباع، يشهدون بعدالتهم، واستقامتهم، ألا نتهجم عليهم، وأن نعتقد أن ما خالفوا فيه الصواب، صادر عن اجتهاد، والمجتهد من هذه الأمة لا يخلو من أجر، إن أصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر واحد، وخطؤه مغفور.
وأبو حنيفة -رحمه الله- كغيره من الأئمة له أخطاء وله إصابات، ولا أحد معصوم إلا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، كما قال الإمام مالك: (كلٌ يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب هذا القبر)، وأشار إلى قبر النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-.
والواجب الكف عن أئمة المسلمين، لكن القول إذا كان خطأ، فيذكر القول دون أن يتعرض أحد لقائله بسب، يذكر القول إذا كان خطأ ويرد عليه، هذا هو الطريق السليم.
حرر في 12/2/1420 هـ.
المصدر :
مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين(26/519)