حكم مبالغة النساء في شراء الملابس والتفاخر بها
عدد الزوار
1052
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
الفتوى رقم(17578)
ظهر في الآونة الأخيرة ما يسمى ب: (الموضة) في الأزياء والموديلات، للنساء على وجه الخصوص، وهذه البلية وإن كانت موجودة من قبل إلا أنها قد استفحلت في أيامنا هذه، وحقيقة الأمر أن النساء قد اندفعن بشدة نحو ارتداء هذه الموديلات بما تحويه من مثالب عديدة، ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
1 - المباهاة والتفاخر الذي يحصل بين النساء بارتداء هذه الموديلات، فإن كل امرأة تجدها تصنع المستحيل حتى تحصل على اللباس الذي يميزها عن الأخريات؛ لتتباهى به أمام النساء في المناسبات، ولا يخفى على سماحتكم حكم هذه المباهاة في اللباس.
2 - الإسراف والتبذير الذي يحصل من وراء هذه الموضات والموديلات، ومن الملاحظ أن معظم النساء اللواتي يفصلن هذه الموديلات ينفقن الأموال الطائلة والتي لا حدود لها، واسأل عن ذلك يا شيخ، فقد يصل الفستان الواحد إلى ثلاثة آلاف وأربعة آلاف وخمسة آلاف، وسمعنا والله عن أكثر من ذلك، ثم ماذا بعد أن يلبس الفستان ويتباهى به في حفلة أو حفلتين، تجد أن هذا الفستان يحال إلى التقاعد مبكرا، ولا يلبس البتة، حتى يأتي مصيره المحتوم، فنلاحظ يا سماحة الشيخ أن الإسراف والتبذير هنا حاصل من جهتين:
الأولى: المغالاة في صنعه أو شرائه من أجل التباهي ومسايرة الموضة.
الثانية: عدم استهلاكه ولبسه إلا قليلا (مناسبة أو مناسبتين أو ثلاثة)
ولا يخفى على سماحتكم حال من كلفوا بالنفقة على نسائهم كالأزواج وأولياء الأمور كالآباء والإخوان وغيرهم، ممن لا يستطيع توفير هذه المستلزمات التي عادة تقصم ظهر الراتب والمعاش.
سماحة المفتي العام: بناء على هاتين النقطتين التي ذكرتهما لك آنفا، هل يجوز إعطاء زوجتي كل ما تريده من أموال لتحقيق رغبتها في التفصيل على النحو الذي ذكرت، وهل يلحقني الإثم إذا منعتها من ذلك، مع العلم أن راتبي يزيد على الثمانية آلاف ونصف بقليل، كما نرجو من سماحتكم بيان حكم ارتداء النساء للملابس على النحو الذي ذكرته في مقدمة رسالتي هذه.
الإجابة :
نهى الله تعالى عن الإسراف وتبذير الأموال، قال تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾[الأعراف: 31] وقال تعالى: ﴿وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا﴾[الإسراء: 26] ﴿إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا﴾[الإسراء: 27] وأمر تعالى بالإنفاق في الوجه المشروع بلا تبذير ولا تقتير، قال تعالى: ﴿وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا﴾[الإسراء: 29] وأمر سبحانه بحفظ الأموال من أيدي السفهاء، قال تعالى: ﴿وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا﴾[النساء: 5] والسفهاء: جمع سفيه، وهو: كل من لم يكن له عقل يفي بحفظ المال، ومن قصد شراء وتفصيل الملابس الباهظة الثمن ليلبسها قليلا ثم يرميها أو يبيعها بثمن بخس فهو من جملة السفهاء المذكورين في الآية، وقد أمرنا الله تعالى بألا نؤتي السفهاء الأموال، وهي أموالهم، فما ليس لهم أولى، والواجب النفقة الواجبة بلا تبذير ولا تقتير، وإذا طلب السفيه النفقة عليه على نحو ما ذكر في السؤال فلا تجوز طاعته.
وفي ترك لبس ما جاء في السؤال ونحوه تواضعا لله تعالى مع القدرة عليه فضل عظيم، فعن معاذ بن أنس -رضي الله عنه-، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «من ترك اللباس تواضعا لله وهو يقدر عليه دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق حتى يخيره من أي حلل الإيمان شاء يلبسها» رواه الترمذي وقال: حديث حسن.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
المصدر :
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء(24/20- 24)
بكر أبو زيد ... عضو
عبد العزيز آل الشيخ ... عضو
صالح الفوزان ... عضو
عبد الله بن غديان ... عضو
عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الرئيس