تحريم الأكل باليد اليسرى إلا لعذر
عدد الزوار
115
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
الأكل باليد اليسرى هل هو محرم أم المسألة خلافية ؟
الإجابة :
الأكل باليد اليسرى بعذر لا بأس به، أما لغير عذر فهو حرام؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عنه وقال: «إن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله » ، وقد قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾[النور:21] ، ثم إن الشيطان يفرح إذا أكلت بيسارك؛ لأنك تكون متبعاً له مخالفاً للرسول - صلى الله عليه وسلم - .
المسألة ليست هينة! إذا أكلت بيسارك أو شربت باليسار فرح الشيطان فرحاً أكبر من كونه فعلاً، يفرح بأنك وافقته وخالفت الرسول - صلى الله عليه وسلم - في قوله وفعله، فالمسألة ليست هينة، ولهذا يجب على طلبة العلم أن ينبهوا العامة في ذلك.
كثير من الناس نجدهم عند الأكل يشربون باليسار يقولون: نخشى أن يتسخ الكأس، والحال أن أكثر الكؤوس الآن من الورق لا يشرب فيها أحد بعدك، اتركها تتلوث، ثم إنه يمكن أن تمسك حتى لو كانت من الزجاج أن تمسكها في أسفلها بين السبابة والإبهام وتشرب، ثم لو قدر أنه ما أمكن هذا ولا هذا، إذا تلوثت فتغسل، فليست مشكلة؛ لأنه ما دام عرف أنه حرام وأنه يكسب إثماً بالشرب بها، فالحرام لا يجوز إلا للضرورة.
السائل: وإذا أمسكها باليسار ووضعها على اليمين ؟
الشيخ: إذا دعت الحاجة إلى ذلك فلا بأس، إذا وضعها على راحته اليمنى وأمسكها باليسرى إن دعت الحاجة، لكني ما رأيت الحاجة تدعو إلى ذلك أنا جربتها بنفسي، أُمسك الكأس من الأسفل ولا يتلوث إطلاقاً، ثم إذا تلوث تبقى خمس دقائق ويزيلها التغسيل، الأمر سهل، وكذلك الأخذ والعطاء بالشمال هذا أيضاً خلاف السنة وقد نهي عنه.
السائل: لكن هل فيه قول للعلماء أنه جائز ؟
الشيخ: بعض العلماء يرى الكراهة، ولكن يا أخي! أنصحك وغيرك، إذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - قولاً لا تقل: هل قال بعض العلماء ؟ فالعلماء يفتون بالفهم، إن بلغهم الدليل فقد يخطئون في الفهم، وقد لا يبلغهم الدليل، وربما يكون الدليل خفياً، ألم يخف على الصحابة - رضي الله عنه -م كلهم حديث الطاعون: لما أقبل عمر - رضي الله عنه - على الشام قيل له: إن الشام فيها طاعون، فوقف وجعل يشاور الصحابة، ويأتي بالمهاجرين والأنصار فيشاورهم على حدة، وكلهم ما علموا بالحديث، لكن ولله الحمد وفقهم الله للصواب أن يكون الرجوع دون القدوم، وكان عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - هو الذي روى الحديث لكنه كان غائباً في حاجة، فجاء فحدثهم بهذا، كل الصحابة خفي عليهم هذا الحديث مع العلم بأنهم محصورون، كيف بعد انتشار الأمة والعلماء ؟!! فلا ينبغي أن نعارض كلام الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقول: هل فيه خلاف ؟ ألم يقل بعض العلماء بكذا ؟ إذا كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال لنا الكلام: «لا يأكل أحدكم بشماله، ولا يشرب بشماله؛ فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله » انتهى الموضوع، لو خيرت أي مؤمن: أتحب هدي الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، أم خطوات الشيطان ؟ ماذا يقول ؟ يقول: هدي الرسول - صلى الله عليه وسلم - .
السائل: يا فضيلة الشيخ قصدي أن بعض الناس ينسبون إلى بعض العلماء عدم التحريم فأريد التأكد ؟ الشيخ: هذا حسن، وابن عباس - رضي الله عنهما - يقول: (يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء، أقول: قال رسول الله وتقولون: قال أبو بكر وعمر) ، ومن العلماء عند أبي بكر وعمر ؟ وقد قال فيهما الرسول - صلى الله عليه وسلم - : «إن يطيعوا أبا بكر وعمر يرشدوا » وقال: «اقتدوا باللذين من بعدي: أبي بكر وعمر» منصوص على أخذ رأيهما، فإذا كان أبو بكر وعمر خالفا الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأخذنا بقولهما يوشك أن تنزل علينا حجارة من السماء، فكيف بأخذ قول غيرهما ؟!! ولذلك حقيقة يؤلمني جداً إذا قال قائل مثلاً عندما أقول له: قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - كذا وكذا، قال: فيه خلاف، المخالف قد يكون معذوراً في مخالفة النص لتأويله، أو عدم علمه، لكن أنا غير معذور، وليس إذا عذر المتبوع يعذر التابع.
المصدر :
الشيخ ابن عثيمين من لقاءات الباب المفتوح، لقاء رقم(4)