فضل السلام وبعض أحكامه
عدد الزوار
103
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
هذا سائل للبرنامج يقول: نود أن تلقوا الضوء على أحكام السلام؛ لأن كثيرًا من الناس يتهاون في هذا الأمر العظيم جزاكم الله خيرًا ؟
الإجابة :
السلام من الأمور المشروعة ومن حقوق المسلم على أخيه فإن من حق المسلم عليك أن تسلم عليه إذا لقيته ولهذا حرم النبي- صلى الله عليه وسلم - هجر المسلم فوق ثلاث فقال - عليه الصلاة والسلام - : «لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام» وكان من هدي النبي- صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أنه يبدأ من لقيه بالسلام يعني هو - عليه الصلاة والسلام - يبدأ من لقيه بالسلام فيسلم عليه والسلام شعار الإسلام وموجب للمحبة وكمال الإيمان وكمال الإيمان يحصل دخول الجنة قال النبي- صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : «لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أفلا أخبركم بشيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم» أي أظهروه وأعلنوه وصيغة السلام المشروعة أن يقول السلام عليك إن كان واحدا أو السلام عليكم إن كانوا جماعة وإن قال السلام عليكم للواحد فلا بأس هذا في الابتداء وفي الرد يقول عليك السلام أو عليكم السلام أو وعليك السلام أو وعليكم السلام كل هذا جائز ولا تحصل السنة بقول مرحبا وأهلا لا في الابتداء ولا في الرد.
ولهذا يعتبر مقصرا من إذا لاقى أخاه قال مرحبا بأبي فلان أهلا أبو فلان أو صبحك الله بالخير أو مساك الله بالخير بل يقول أولاً السلام عليك وفي الرد يقول بعض الناس أهلا أو مرحبا أو حياك الله وما أشبه ذلك وهذا ليس كافيا في رد السلام بل لابد أن يقول إذا سلم عليه عليك السلام أو كما قلنا وعليك أو وعليكم أما لو قال في رد السلام أهلا وسهلا ألف مرة ما أجزأه ولا أدى الواجب عليه قال العلماء يرحمهم الله ابتداء السلام سنة ورده واجب لقول الله تعالى: ﴿وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا﴾[النساء: 86] فأمر الله تعالى أولاً بالأحسن فإن لم يكن فبردها بمثلها والحسن في الرد يكون بالصيغة ويكون بالصوت ويكون بالوجه فمثلا إذا قال السلام عليك ورحمة الله فالأحسن أن تقول عليك السلام ورحمة الله وبركاته أو عليك السلام ورحمة الله حياك الله أو وعليك السلام ورحمة الله أهلًا وسهلًا هذا في الصيغة وأما في الصوت فإذا قال السلام عليك بصوت واضح جهرًا فالرد عليه بأن يكون ردك أوضح من سلامه وأبين أو على الأقل يكون مثله أما أن يسلم عليك بصوت مسموع بين واضح ثم ترد عليه بأنفك أو بصوت قد يسمعه وقد لا يسمعه فإنك لم تأت بالواجب لأن الله قال: ﴿بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا﴾ كذلك في البشاشة إذا سلم عليك بوجه بشوش منطلق لا ترد عليه بوجه عبوس مكفهر لأنك ما حييته بما حياك به ولا بأحسن وهذه مسائل يغفل عنها كثير من الناس فينبغي للمؤمن أن يعرفها وأن يطبقها عمليا وأقبح من ذلك ما يفعله بعض السفهاء الذين انبهروا بقوة الغرب المادية حتى ظنوا أن الرقي والتقدم بتقليدهم حتى في الشعائر الدينية حيث كان بعضهم يقول: باي باي يعني السلام عليك وربما علموها صبيانهم كما سمعنا ذلك فعلا من بعض الصبيان إذا انصرف أو انصرفت عنه قال باي باي من أين جاء هذا إلا من تعليم الآباء ضعفاء النفوس ضعفاء الشخصيات فالمسلم يجب أن يكون عزيزا بإسلامه ودينه وأن يفخر إذا طبق شريعة الله في نفسه وفي عباد الله.
ثم اعلم أن المشروع أن يسلم الصغير على الكبير والقليل على الكثير والراكب على الماشي والماشي على القاعد فإن حصل تطبيق هذه السنة فهو الأفضل وإلا فليسلم الكبير على الصغير ولا يضره إلا عزاً ورفعة ولا تتركوا السلام بينكم من أجل أن الصغير لم يبتدئ السلام على الكبير وكذلك القليل على الكثير ربما تكونوا مع جماعة ويلاقيكم واحد ويكاد يتجاوز وهو لم يسلم فسلموا أنتم ولا تدعوه يمر بدون سلام لا منه ولا منكم فيذهب عنكم شعار الإسلام الذي به المودة والمحبة وثقوا أنكم إذا سلمتم عليه وأنتم جماعة وهو واحد أنه سيخجل وينتبه ويكون هذا أشد مما لو قلت يا فلان لماذا ما سلمت لأن كل إنسان بشر يخجل إذا وجد منه ما يُخَجِّل ثم إن السلام على المشغول لا ينبغي خصوصا إذا علمنا أنه يكره فمثلا لو وجدت إنسانا مشتغلا بقراءة القرآن وتعرف أنك لو سلمت عليه قطعت عليه قراءته وهو يقرأ عن ظهر قلب فلا تسلم عليه إلا إذا خفت أن يحمل ترك السلام على شيء آخر فسلم عليه درءا للمفسدة كذلك أيضا مما يلاحظ أن بعض الناس إذا سلم من الصلاة سلم على الذي على يمينه أو على يساره مع أنه قد سلم عليه وهذا لا حاجة إليه إلا إذا كنت تخشى إن يحمل ترك السلام على الكبر أو ما أشبه ذلك فدرء المفاسد أولى من جلب المصالح ودرءاً أن يكون هناك بدعة يمكن أن تمد يدك إليه وتصافحه وتقول مرحبا بأبي فلان كيف حالك كيف أنت دون أن تلقي السلام لأنك قد ألقيته من قبل وتشاهد بعض الأحيان رجلين جاءا جميعًا فصلىا تحية المسجد أو الراتبة ثم إذا انتهيا من الصلاة سلم أحدهما على الآخر مما يخشى أن يعتقد الجميع بأن من السنة إلقاء السلام بعد انتهاء الصلاة وهذا ليس بسنة.
المصدر :
الشيخ ابن عثيمين من فتاوى نور على الدرب