الحكمة من تحريم لبس الذهب على الرجال
عدد الزوار
85
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
سئل فضيلة الشيخ -رحمه الله تعالى-: عن الحكمة في تحريم لبس الذهب على الرجال
الإجابة :
اعلم أيها السائل، وليعلم كل من يطلع على هذا الجواب أن العلة في الأحكام الشرعية لكل مؤمن، هي قول الله تعالى ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، لقوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُبِينًا﴾[الأحزاب: 36]. فأي واحد يسألنا عن إيجاب شيء، أو تحريم شيء دل على حُكمه الكتاب والسنة فإننا نقول: العلة في ذلك قول الله تعالى، أو قول رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وهذه العلة كافية لكل مؤمن، ولهذا لما سُئلت عائشة - رضي الله عنها-: ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ قالت: «كان يصيبنا ذلك فنُؤمر بقضاء الصوم ولا نُؤمر بقضاء الصلاة»؛ لأن النص من كتاب الله تعالى أو سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- علة موجبة لكل مؤمن، ولكن لا بأس أن يتطلب الإنسان العلة، وأن يلتمس الحكمة في أحكام الله تعالى، لأن ذلك يزيده طمأنينة، ولأنه يتبين به سمو الشريعة الإسلامية، حيث تقرن الأحكام بعللها، ولأنه يتمكن به من القياس إذا كانت علة هذا الحكم المنصوص عليه ثابتة في أمر آخر لم ينص عليه، فالعلم بالحكمة الشرعية له هذه الفوائد الثلاث.
ونقول -بعد ذلك- في الجواب على السؤال: إنه ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- تحريم لبس الذهب على الذكور دون الإناث، ووجه ذلك أن الذهب من أغلى ما يتجمل به الإنسان ويتزين به فهو زينة وحلية، والرجل ليس مقصوداً لهذا الأمر، أي ليس إنساناً يتكمّل بغيره أو يكمل بغيره، بل الرجل كامل بنفسه لما فيه من الرجولة، ولأنه ليس بحاجة إلى أن يتزين لشخص آخر تتعلق به رغبته، بخلاف المرأة، فإن المرأة ناقصة تحتاج إلى تكميل بجمالها، ولأنها محتاجة إلى التجمل بأغلى أنواع الحلي، حتى يكون ذلك مدعاة للعشرة بينها وبين زوجها؛ فلهذا أبيح للمرأة أن تتحلى بالذهب دون الرجل، قال الله تعالى في وصف المرأة: ﴿أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ﴾[الزخرف: 18]. وبهذا يتبين حكمة الشرع في تحريم لباس الذهب على الرجال.
وبهذه المناسبة: أوجه نصيحة إلى هؤلاء الذين ابتُلوا من الرجال بالتحلي بالذهب، فإنهم بذلك قد عصوا الله تعالى ورسوله -صلى الله عليه وسلم- وألحقوا أنفسهم بمصاف الإناث، وصاروا يضعون في أيديهم جمرة من النار يتحلون بها، كما ثبت ذلك عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، فعليهم أن يتوبوا إلى الله - سبحانه وتعالى-، وإذا شاءوا أن يتحلوا بالفضة في الحدود الشرعية فلا حرج في ذلك، وكذلك بغير الذهب من المعادن لا حرج عليهم أن يلبسوا خواتم منه إذا لم يصل ذلك إلى حد السرف.
المصدر :
مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين(18/103-104)