هل صحيح أن النهي عن الصبغ بالسَّواد مدرج؟ وما الحكم في حمل النهي على التدليس؟
عدد الزوار
234
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
سُئل الشيخ: نرى كثيراً من المسلمين يصبغون لحاهم بالسَّواد ويقولون: إن النهي عنه لم يصح عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإنما هو مدرج من كلام بعض الرواة وإن صح فإنما المراد به ما قصد به التدليس، أما ما قصد به الجمال فلا، فما مدى صحة ذلك؟
الإجابة :
النهي عن صبغ الشَّيب بالسَّواد ثابت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- رواه مسلم وأبو داود، ودعوى الإدراج غير مقبولة إلا بدليل، لأن الأصل عدمه، وقد روى أبو داود والنسائي من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «يكون قوم يخضبون في آخر الزمان بالسَّواد كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة». قال ابن مفلح أحد تلاميذ شيخ الإسلام ابن تيمه: إسناده جيد. وهذا الحديث يقتضي تحريم صبغ الشَّيب بالسَّواد، وأنه من كبائر الذنوب والحكمة في ذلك - والله أعلم – ما فيه من مضادة الحكمة في خلق الله تعالى بتجميله على خلاف الطبيعة، فيكون كالوشم والوشر والنمص والوصل، وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه لعن الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة ولعن المتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات لخلق الله تعالى.
وأما دعوى أن النهي عن الصبغ بالسَّواد من أجل التدليس، فغير مقبولة أيضاً، لأن النهي عام، والظاهر أن الحكمة ما أشرنا إليه.
وإذا كان هذا حكم الصبغ الأسود، فإن في الحلال غني عنه، وذلك بأن يصبغ بالحناء والكتم أو بصبغ يكون بين الأسود والأحمر فيحصل المقصود بتغيير الشيب إلى صبغ حلال، وما أغلق باب يضر الناس إلا فتح لهم من الخير أبواب ولله الحمد.
وما روي عن بعض الصحابة من أنهم كانوا يخضّبون بالسَّواد، فإنه لا يدفع به ما صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، لأن الحجة فيما صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومن خالفه من الصحابة، فمن بعدهم فإنه يلتمس له العُذر حيث يستحق ذلك، والله تعالى إنما يسأل الناس يوم القيامة عن إجابتهم الرُّسل، قال الله تعالى: ﴿وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ﴾[القصص: 65].
المصدر :
مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين(5/122-123)