بيان معنى قوله تعالى: (فويل للمصلين * الذين هم عن صلاتهم ساهون)
عدد الزوار
98
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
أرجو تفسير قوله تعالى: ﴿ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ﴾[الماعون: 4- 7] ؟
الإجابة :
الآية الكريمة المذكورة على ظاهرها ، والويل إشارة إلى شدة العذاب ، والله سبحانه يتوعد المصلين الموصوفين بهذه الصفات التي ذكرها عز وجل وهي قوله: ﴿الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ﴾[الماعون: 4-7] السهو عن الصلاة: هو الغفلة عنها والتهاون بشأنها ، وليس المراد تركها ؛ لأن الترك كفر أكبر ، وإن لم يجحد وجوبها في أصح قولي العلماء . نسأل الله العافية .
أما التساهل عنها: فهو التهاون ببعض ما أوجب الله فيها كالتأخر عن أدائها في الجماعة في أصح قولي العلماء ، وهذا فيه الوعيد المذكور .
أما إن تركها عمدا فإنه يكون كافرا كفرا أكبر ، وإن لم يجحد وجوبها في أصح قولي العلماء كما تقدم ؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة ، فمن ترك فقد كفر» . خرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح ، ولقوله عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» . خرجه الإمام مسلم في صحيحه ، فهذان الحديثان وما جاء بمعناهما حجة قائمة وبرهان ساطع على كفر تارك الصلاة وإن لم يجحد وجوبها . أما إن جحد وجوبها فإنه يكفر بإجماع العلماء ولو صلى ، أما السهو فيها فليس هو المراد في هذه الآية ، وليس فيه الوعيد المذكورة ؛ لأنه ليس في مقدور الإنسان السلامة منه ، وقد سها النبي -صلى الله عليه وسلم- في الصلاة غير مرة ، كما دلت عليه الأحاديث الصحيحة ، وهكذا غيره من الناس يقع منه السهو من باب أولى ، ومن السهو عنها الرياء فيها كفعل المنافقين .
فالواجب أن يصلي المؤمن لله وحده ، يريد وجهه الكريم ، ويريد الثواب عنده سبحانه وتعالى ؛ لعلمه بأن الله فرض عليه الصلوات الخمس فيؤديها ؛ إخلاصا لله ، وتعظيما له ، وطلبا لمرضاته عز وجل ، وحذرا من عقابه .
ومن صفات المصلين الموعودين بالويل: أنهم يمنعون الماعون ، والماعون ، فسر بالزكاة ، وأنهم يمنعون الزكاة ؛ لأن الزكاة قرينة الصلاة ، كما قال سبحانه: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ﴾[البينه:5] وقال تعالى: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾[البقرة:43] وقال آخرون من أهل العلم: إنه العارية ، وهي التي يحتاج إليها الناس ويضطرون إليها .
وفسره قوم بالدلو لجلب الماء ، وبالقدر للطبخ ونحوه . ولكن منع الزكاة أعظم وأكبر .
فينبغي للمسلم أن يكون حريصا على أداء ما أوجب الله عليه ، وعلى مساعدة إخوانه عند الحاجة للعارية ؛ لأنها تنفعهم وتنفعه أيضا ولا تضره.
المصدر :
مجموع فتاوى الشيخ ابن باز(24/ 326- 329)