بيان معنى قوله تعالى: (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين . .)
عدد الزوار
84
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة صاحب السمو الملكي الأمير المكرم سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض وفقه الله وزاده من العلم والإيمان آمين.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد :
فأشير إلى سؤالكم الشفهي عن تفسير قوله تعالى: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾[البقرة: 184] ورغبة سموكم في أن يكون الجواب خطيًا.
الإجابة :
وأفيدكم أن علماء التفسير -رحمهم الله - ذكروا أن الله سبحانه لما شرع صيام شهر رمضان شرعه مخيرًا بين الفطر والإطعام وبين الصوم، والصوم أفضل، فمن أفطر وهو قادر على الصيام فعليه إطعام مسكين، وإن أطعم أكثر فهو خير له وليس عليه قضاء، وإن صام فهو أفضل لقوله عز وجل: ﴿ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾[البقرة: 184] فأما المريض والمسافر فلهما أن يفطرا ويقضيا؛ لقوله سبحانه: ﴿ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾[البقرة: 184] ثم نسخ الله ذلك، وأوجب سبحانه الصيام على المكلف الصحيح المقيم ورخص للمريض والمسافر في الإفطار وعليه القضاء؛ وذلك بقوله سبحانه: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾[البقرة: 185] وبقي الإطعام في حق الشيخ الكبير العاجز والعجوز الكبيرة العاجزة عن الصوم، كما ثبت ذلك عن ابن عباس -رضي الله عنه- ، وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- ، وجماعة من الصحابة والسلف -رضي الله عنهم- ، وقد روى البخاري في صحيحه عن سلمة بن الأكوع -رضي الله عنه- معنى ما ذكرنا من النسخ للآية المذكورة، وهي قوله تعالى: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾[البقرة: 184] الآية، وروي ذلك عن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- وجماعة من السلف -رحمهم الله- ، ومثل الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة، والمريض الذي لا يرجى برؤه، والمريضة التي لا يرجى برؤها فإنهما يطعمان عن كل يوم مسكينا، ولا قضاء عليهما كالشيخ الكبير والعجوز الكبيرة، ويجوز إخراج الإطعام في أول الشهر وفي وسطه وفي آخره، أما الحامل والمرضع فيلزمهما الصيام إلا أن يشق عليهما فإنه يشرع لهما الإفطار وعليهما القضاء كالمريض والمسافر، هذا هو الصحيح في قولي العلماء في حقهما، وقال جماعة من السلف: يطعمان ولا يقضيان كالشيخ الكبير والعجوز الكبيرة، والصحيح أنهما كالمريض والمسافر تفطران وتقضيان، وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من حديث أنس بن مالك الكعبي ما يدل على أنهما كالمريض والمسافر، وأسأل الله عز وجل أن يمنحنا وإياكم الفقه في دينه والثبات عليه، وأن يجعلنا وإياكم وسائر إخواننا من الهداة المهتدين إنه سميع قريب، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
المصدر :
مجموع فتاوى الشيخ ابن باز(15/ 170-172)