الرد على من يقول: لا يجوز دعوة غير المسلمين بغير اللغة العربية
عدد الزوار
93
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
سمعت أحد المشايخ يقول: إنه لا يجوز دعوة غير المسلمين بغير اللغة العربية، واستدل بكتاب الرسالة للإمام الشافعي رحمة الله عليه، أنه قال - رحمه الله - : إن اللغة العربية لا تكون تابعة بل هي متبوعة، وإنه لا يجوز أن يتكلم بغير اللغة العربية في الدعوة بحرف واحد، فما تقولون في هذا بارك الله فيكم ؟
الإجابة :
نقول: استدلاله بقول الشافعي في غير محله؛ لأن قول الشافعي لا يحتج به، وإنما يحتج له، هذا إذا سلمنا أن الشافعي قاله، وأنا لا أدري، لكن إذا سلمنا وأن هذا الرجل متأكد نقول: قول الشافعي لا يحتج به، وإنما يحتج له، والشافعي - رحمه الله - وغيره من الأئمة يقولون: إذا وجدتم كلامنا مخالفا لكلام الله وكلام رسوله فاضربوا به عرض الحائط.
ثانياً: لا يمكن دعوة من لا يفهم اللغة العربية إلا بلغته بنص القرآن، قال الله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ﴾[إبراهيم: 4] ومعلوم أن العربية سابقة، منذ زمن إسماعيل والعربية موجودة، ومع ذلك يرسل الله الرسل بلغة قومهم؛ لأنه لا يمكن أن يفهم الإنسان لغة عربية إلا إذا كان من أهلها، أو قد تعلمها.
فالصواب أنه يجب أن يتعلم الإنسان لغة من يريد أن يدعوهم إلى الإسلام إذا لم يوجد غيرها، فتعلم اللغة التي يدعى بها إلى الإسلام إذا أردنا أن ندعو من لا يعرف العربية فرض كفاية، كما أن الدعوة إلى الإسلام فرض كفاية، الذي يعرف اللغة العربية لا ندعوه بغيرها، والذي ينطق بالعربية لا ينطق بغير العربية، ولهذا كان عمر بن الخطاب يضرب الناس إذا تكلموا برطانة الأعاجم، والعلماء كرهوا أن يكون التخاطب بلغة غير العربية لمن يعرف اللغة العربية، ولذلك -مع الأسف الشديد- الآن عندنا هنا في السعودية التي هي أم العربية نجد بعضهم يتكلم باللغة غير العربية مع أخيه العربي، بل بعضهم يعلم صبيانه اللغة غير العربية، بل بعضهم يعلمهم التحية الإسلامية باللغة غير العربية...
المهم على كل حال هذه جاءت استطرادا، والكلام على من دعا قوما غير عرب يجب أن يدعوهم بلغتهم وإلا فلن يستفيدوا.
السائل: الدعوة توقيفية ؟
الشيخ: الدعوة توقيفية لكن الوسائل ؟ وهل يمكن الآن أن أجلس بين عشرة من غير العرب وأتكلم بأرقى الفصاحة والبيان باللغة العربية ماذا يفهمون ؟ لا شيء، فهل يقال: إن هذه دعوة إلى الله ؟! ثم إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمر زيد بن ثابت - رضي الله عنه - أن يتعلم لغة اليهود من أجل أن يرد عليهم كتاباتهم ويقرأ كتاباتهم، أمره أن يتعلم ذلك، ثم إنه قال ل- أم خالد: سنة سنة، لما جاءت إلى الحبشة ووجد عليها ثوبا أظنه جديدا قال: سنة سنة، أي: حسن حسن، الرسول تكلم بغير العربية، مع أنه ليس في مقام دعوة، لكن بعض الناس يتكلم عن جهل، وهنا أسأل: أيهما أشد خطرا على الإسلام، الجهل البسيط أم الجهل المركب ؟ الجهل المركب؛ لأن الجاهل جهلا مركبا يظن أنه عالم، وهو جاهل فيتكلم بما لا يعرف، والجاهل جهلا بسيطا لا يتكلم، عارف بنفسه، يقول: لا أدري، فنصيحتي لهذا الأخ أن تبلغه سلامي وتقول له: عليه أن يتأمل في الأدلة ويتقي الله، ولا يتكلم بما لا يعرف إنه مسئول: ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾[الإسراء:36].
المصدر :
الشيخ ابن عثيمين من لقاءات الباب المفتوح، لقاء رقم(142)