كيف يصوم أهل البلاد التي يطول نهارها إلى عشرين ساعة؟ وما حكم من يصوم حسب توقيت البلاد المجاورة ؟
عدد الزوار
98
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
بسم الله الرحمن الرحيم
شيخنا الفاضل محمد الصالح العثيمين سلمه الله تعالى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
هذا السؤال الذي يتكرر دائماً عند الإخوان المبتعثين للدراسة في أوروبا وهو بخصوص الصوم، وذلك أن بعض البلاد الأوروبية لا يكون فيها الليل إلا قصيراً جدًّا تصل أحياناً إلى الأربع ساعات فقط، ويكون النهار طويلاً جداً يصل إلى العشرين ساعة، فما يجب عليهم إذا لم يأخذوا برخصة الفطر لشبهة الإقامة المؤقتة، علماً أن بعض أهل هذه البلاد من الأوربيين أو المستوطنين استيطاناً دائماً من الجاليات التركية وغيرها يصوم ويفطر حسب توقيت بعض البلاد المجاورة لهم، والبعض الآخر يصوم ويفطر على توقيت البلد التي هو منها، فأي الفريقين على حق؟ نرجو من سماحتكم التفصيل في هذه المسألة تفصيلاً مستوعباً الصيام والصلاة، وجزاكم الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء.
الإجابة :
بسم الله الرحمن الرحيم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الواجب على هؤلاء أن يصوموا رمضان في النهار كله، سواء طال أم قصر، لقوله تعالى: ﴿فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾ [البقرة: 187] . ولقول النبي-صلى الله عليه وسلم- في الإمساك: «إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم، فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر» وقوله في الإفطار: «إذا أقبل الليل من ههنا، وأدبر النهار من ههنا، وغربت الشمس فقد أفطر الصائم» فهذه النصوص من الكتاب والسنة تدل على أنه مادام هناك ليل ونهار فالواجب الإمساك في النهار طال أم قصر، وأنه لا يجوز اعتبار البلاد المجاورة، ولا اعتبار بلاد المبتعث، لأن البلاد التي ابتعثت إليها يكون فيها ليل ونهار يتميز أحدهما عن الآخر، فهو كما لو كان في بلده الأصلية.
أما لو كان في مكان لا يتعاقب فيه الليل والنهار في خلال أربع وعشرين ساعة، مثل أن يكون نهاره يومين، أو ثلاثة، أو أكثر، وليله كذلك فهنا يقدر له قدره، لأن النبي-صلى الله عليه وسلم- لما أخبر عن الدجال أنه يمكث في الأرض أربعين يوماً: يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كأسبوع وسائر أيامه كالعادة: سئل: هل تكفي صلاة يوم واحد في اليوم الذي كسنة، وكذلك الشهر، والأسبوع بالقياس الجلي؟ قال: «لا، اقدروا له قدره» ولكن هل يقدر بأقرب بلد إليه يكون فيه ليل ونهار، كما هو الأظهر، أو يقدر بالوسط، فيجعل الليل اثني عشر ساعة، والنهار كذلك، أو يقدر بتوقيت مكة، لأنها أم القرى؟ في هذا خلاف بين العلماء، والأظهر القول الأول، والله أعلم.
كتبه محمد الصالح العثيمين في 20 شعبان 1409 هـ
المصدر :
مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين(19/313-315)