هل له الفطر في نهار رمضان، إذا كان يعمل أمام أفران صهر المعادن ؟
عدد الزوار
104
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
الفتوى رقم(4316)
نحمد الله تعالى ونصلي ونسلم على نبيه الكريم ونسأله جل شأنه أن يعز الإسلام والمسلمين وأن يحمي الدين من أعداء الله، والمركز الإسلامي كما تعلمون - واجهة للإسلام والمسلمين في هذه البلاد وقد وصلتنا من أحد المعاهد العلمية التابعة لجامعة توينجن في ألمانيا الغربية (معهد دراسات طب العمل والطب الاجتماعي) رسالة فيها بعض الاستفسارات الفقهية بما يخص شهر رمضان والصيام فيه، ونحن لشعورنا بأهمية هذا الموضوع وبحساسية الأمر آثرنا استشارتكم وسؤالكم رغبة منا في الوصول إلى أكبر قدر من الصواب بتوفيق من الله سبحانه.
والأسئلة التي وصلتنا كالتالي:
ما حكم الشرع الإسلامي في الذين يعملون في شهور الصيف، أمام أفران صهر المعادن صيفاً.
ما حكم الشرع في الصيام في المناطق الشمالية من الكرة الأرضية حيث لا تغيب الشمس إلا غياباً قصيراً جداً قد لا يتعدى دقائق أو حيث لا تغيب الشمس مطلقاً في البلاد الاسكندنافية ؟ ونريد أن نلفت نظر فضيلتكم إلى أن الأمر قد يستغل من جانب السلطات هنا لاستخراج أو لاستصدار قوانين لتطبيقها على العمال الأجانب في ألمانيا والذين يتراوح عدد المسلمين منهم أكثر من مليون ونصف على أضعف التقديرات، ونحن نخشى أن إجابة هذه الأسئلة دون الالتفات إلى هذا الأمر قد يؤدي إلى فتنة المسلمين المقيمين في هذه البلاد وأغلبهم ممن يجهلون الأحكام الشرعية في دينهم.
الإجابة :
من المعلوم من دين الإسلام بالضرورة أن صيام شهر رمضان فرض على كل مكلف وركن من أركان الإسلام، فعلى كل مكلف أن يحرص على صيامه تحقيقاً لما فرض الله عليه، رجاء ثوابه وخوفاً من عقابه دون أن ينسى نصيبه من الدنيا، ودون أن يؤثر دنياه على أخراه، وإذا تعارض أداء ما فرضه الله عليه من العبادات مع عمله لدنياه وجب عليه أن ينسق بينهما حتى يتمكن من القيام بهما جميعاً ففي المثال المذكور في السؤال يجعل الليل وقت عمله لدنياه، فإن لم يتيسر ذلك أخذ إجازة من عمله شهر رمضان ولو بدون مرتب، فإن لم يتيسر ذلك بحث عن عمل آخر يمكنه فيه الجمع بين أداء الواجبين ولا يؤثر جانب دنياه على جانب آخرته، فالعمل كثير وطرق كسب المال ليست قاصرة على مثل ذلك النوع من الأعمال الشاقة ولن يعدم المسلم وجهاً من وجوه الكسب المباح الذي يمكنه معه القيام بما فرضه الله عليه من العبادة بإذن الله ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾[الطلاق: 2، 3] وعلى تقدير أنه لم يجد عملاً دون ما ذكر مما فيه حرج وخشي أن تأخذه قوانين جائرة وتفرض عليه ما لا يتمكن معه من إقامة شعائر دينه أو بعض فرائضه فليفر بدينه من تلك الأرض إلى أرض يتيسر له فيها القيام بواجب دينه ودنياه ويتعاون فيه مع المسلمين على البر والتقوى فأرض الله واسعة، قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً﴾[النساء: 100] الآية. وقال تعالى: ﴿قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾[الزمر: 10]، فإذا لم يتيسر له شيء من ذلك كله واضطر إلى مثل ما ذكر في السؤال من العمل الشاق صام حتى يحس بمبادئ الحرج فيتناول من الطعام والشراب ما يحول دون وقوعه في الحرج، ثم يمسك وعليه القضاء في أيام يسهل عليه فيها الصيام.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
المصدر :
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء(10/233- 236)
عبد الله بن قعود ... عضو
عبد الله بن غديان ... عضو
عبد الرزاق عفيفي ... نائب رئيس اللجنة
عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الرئيس