هل الخمر كغيرها من النجاسات في الانتفاع بها ؟ وما الحكم إذا نزع منها الإسكار ؟ وحكم خلط الأدوية بالمواد المسكرة ؟ وحكم تناول الأدوية المستخلصة من الحيوانات
عدد الزوار
169
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
الفتوى رقم(3115)
أ - حيث إن الخمر نجسة، وإن اختلف في نجاستها هل هي مثل البول أم نجاسة معنوية، إلا أن الاحتياط واجب، لذا فإنه من الأحوط أن يغسل الإنسان ما تلوث بها احتياطا وطلبا للأحوط، إلا أنني أتساءل: حيث إن كل مسكر خمر، وكل خمر حرام، هي نجسة، إذا فالكحول نجس (الغول) بالعربية، وكما جاء في القرآن في وصف خمر الآخرة: ﴿لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ﴾[الصافات: 47] فهمت من هذا أن الغول وهو الكحول هو المادة المسكرة إذا استخلصت الكحول من الخمر أصبحت الخمر (حثالتها) المستخلص منها الغول لا تسكر، فهل هي هنا ليست نجسة على قياس الماء المستخلص من المجاري والذي صدرت فيه فتوى من قبل إذا صح أنها - أي: الحثالة - لا تسكر حيث استخلص كحولها؟
ب - وحيث إن الكحول نجسة وهي خمر، لأنها مسكرة أليس من الأحوط أن لا تستعمل في دهان جدران أو أبواب وشبابيك أو أي شيء في أي بيت من بيوت الله؟ لأن مادة (التنر) التي تستخدم في حل البوية كثيرا من هذا التنر فيه كحول أو من الأحوط أن نسأل أهل الخبرة عن (التنر والبوية) التي ليس بها كحول، هذا إذا كان فعلا كما علمت أن بها كحولا لنستعملها، في بيوت الله؟ .
ج- - حيث إن المؤتمرات التي تعقد بين الفينة والأخرى للتعويض بالبديل عن مادة الكحول في الأدوية لم تجد البديل بعد، فهل يجوز أن تستخدم الأدوية التي بها كحول ربما تصل نسبته إلى 14% من العلاج، أيعتبر ذلك في حكم المكروه؟ .
د - وحيث إن بعض الإبر مثل (خلاصة الكبد) مستخلصة من كبد حيوان ألا يكون هذا الحيوان خنزيرا، حيث هذه الإبر تأتينا من بلاد غير إسلامية، وإن لم يكن خنزيرا فهل هذا الحيوان مذبوح على الطريقة الإسلامية أو الكتابية الصحيحة، وهل يجوز استعمال هذه الإبر ؟ أفتونا أعانكم الله وشكر لكم.
الإجابة :
أولا: ليست الخمر كمياه المجاري المتنجسة في حكم إبقائها والانتفاع بها على حالها أو بعد تخليصها مما خالطها من النجاسة، فإن الخمر تجب إراقتها لإسكارها لا لنجاستها؛ لأمر النبي-صلى الله عليه وسلم- بذلك، حينما نزلت الآيتان في تحريم الخمر، ويحرم إبقاؤها والانتفاع بها على حالها، ويحرم تحويلها عن خمريتها بالتحليل أو بتحليل بعض أجزائها وتخليصها مما بها من الكحول، ولا خلطها بغيرها مما يراد الانتفاع به، لنهي النبي-صلى الله عليه وسلم- عن تحليل الخمر سدا للذريعة، وقطعا لطريق إعادة تركيبها واستعمالها، بخلاف المياه المتنجسة، فإن عيبها في تنجسها، فيجوز استعمالها على حالتها في سقي زرع وشجر ونحو ذلك، ويجوز تخليصها مما نجسها لينتفع بكل من أجزائها فيما يناسبه، من تسميد أرض أو رشها أو شرب أو غير ذلك، وليست الخمر كالبول في نجاسة العين، بل الخمر أشد، فإنه يخشى من إبقاء الخمر شربها، ولا يخشى ذلك في إبقاء البول، فيجوز إبقاؤه لتسميد الزرع به.
ثانياً: تقدم في جواب الفقرة الأولى: أنه لا يجوز إبقاء الخمر، ولا تخليلها ولا تحليلها إلى أجزائها، ولا خلطها بما يراد الانتفاع به، فإن خالف من بيده الخمر وخلطها بالبويات ونحوها مما يراد الانتفاع به، فإن ظهر أثرها فيما خلطت به لونا أو طعما أو ريحا حرم استعمال ما خلطت به من البويات مثلا في طلاء المساجد ونحوها ووجب طرحه، وإن لم يظهر أثرها فيما خلطت به جاز استعماله، والأحوط تركه.
ثالثاً: لا يجوز خلط الأدوية بالكحول المسكرة؛ لكن لو خلطت بالكحول جاز استعمالها إن كانت نسبة الكحول قليلة لم يظهر أثرها في لون الدواء ولا طعمه ولا ريحه، وإلا حرم استعمال ما خلط بها.
رابعاً: الأصل في الأشياء الطهارة والحل، فلا يعدل عنه إلا بتعيين أو غلبة ظن بما يوجب العدول عنه، فإذا شك في خلاصة الكبد التي تعطى إبرا مثلا هل هي مستخلصة من كبد خنزير أو غيره أو شك في كونها مستخلصة من كبد حيوان مذبوح ذبحا شرعياً أو ذبحاً غير شرعي - فلا أثر لذلك الشك، ولا يوجب العدول عن الأصل الذي هو الطهارة والحل، وعلى هذا يجوز استعمال هذه الإبر ونحوها في التداوي بها إذا لم يثبت أن فيها ما يخرجها عن أصل الطهارة من الحل.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
المصدر :
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء(25/18)
عبد الله بن قعود ... عضو
عبد الله بن غديان ... عضو
عبد الرزاق عفيفي ... نائب الرئيس
عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الرئيس