حكم إقامة المسلم علاقة مع غير المسلمين، وحكم موادتهم
عدد الزوار
138
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
الأخت مليحة صالح عَبَد من العراق بغداد حي الفردوس تقول: إنني أعمل في دائرة وهذه يكثر فيها النصارى جداً ونحن نتعامل معهم ونودهم أحياناً أكثر من المسلمين وأنا سمعت وقرأت أن هذا لا يجوز على الرغم من أنني أصوم وأصلي وأرتدي الحجاب الشرعي وأخاف الله وأحياناً أجادلهم إلى درجة الخصومة ولكن دون جدوى وأحياناً أو كثيراً ما يكذبون ما أقول ولكن بعد يوم أعود وأتكلم معهم طمعاً في إسلامهم لأنهم يودونني كثيراً وأنا أظل في حيرة من هذه الصداقة وخصوصاً مع إحداهن فهي لا تؤذيني ولا تسيء إلي ولكني أخاف الله تعالى وأخشى أن يكون علي إثم في صداقتي لها وإخلاصي لها ولكن يعلم الله أنني أطمع كثيراً في دخولها ورفاقها في الإسلام ولذلك حافظت على علاقتي بها فهل علي شيء في هذا؟
الإجابة :
لاشك أن المسلم يجب عليه أن يبغض أعداء الله وأن يتبرأ منهم؛ لأن هذه هي طريقة الرسل وأتباعهم، قال الله تعالى: ﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ﴾[الممتحنة: 4] وقال تعالى: ﴿لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمْ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ﴾[المجادلة: 22].
وعلى هذا فلا يحل لك أن يقع في قلبك محبة ومودة لأعداء الله الذين هم أعداء لك في الواقع قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنْ الْحَقِّ﴾[الممتحنة: 1] أما كونك تعاملينهم باللين والرفق طمعاً في إسلامهم وإيمانهم فهذا لا بأس به لأنه من باب التأليف على الإسلام ولكن إذا أيست منهم فعامليهم بما يستحقون أن تعامليهم به.
فضيلة الشيخ: ماذا عن مودتهم أكثر من المسلمين أو عن مدحهم أو ربما يكون مدحهم بصفة عامة كمن يقول مثلاً إن المسيحيين يعني غير المسلمين قد يكونون أفضل من المسلمين في بعض المعاملات أو في شيء بصفة عامة؟
الشيخ: لاشك أن الذي يوادهم أكثر من المسلمين أن هذا فَعَل محرماً عظيماً فإنه يجب عليه أن يحب المؤمنين وأن يحب لهم ما يحب لنفسه، أما أن يواد أعداء الله أكثر من المسلمين فهذا خطر عليه عظيم وحرام عليه بل لا يجوز أن يودهم ولو أقل من المسلمين كما سمعت من الآية ﴿لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾[المجادلة: 22] ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنْ الْحَقِّ﴾[الممتحنة: 1] وكذلك أيضاً من أثنى عليهم ومدحهم وفضلهم على المسلمين في العمل وغيره فإنه قد فعل إثماً وأساء الظن بإخوانه المسلمين وأحسن الظن بمن ليس أهلاً لإحسان الظن والواجب على المؤمن أن يقدم المسلمين على غيرهم في جميع الشؤون في الأعمال وفي غيرها وإذا حصل من المسلمين تقصير، فالواجب عليه أن ينصحهم وأن يحذرهم وأن يبين لهم مغبة الظلم لعل الله أنْ يهديهم على يده.
المصدر :
الشيخ ابن عثيمين من فتاوى نور على الدرب