حكم إتيان كل معَزٍّ بذبيحة مطبوخة لأهل الميت
عدد الزوار
95
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
السؤال الأول من الفتوى رقم (18455)
تنتشر عندنا عادة تأصلت في النفوس، وهي أنه إذا مات شخص ما، قدم الناس إلى أهله للعزاء فيأخذ المعزون معهم الذبائح مطبوخة جاهزة بحيث كل جماعة يأتون بذبيحة فتجتمع في بعض الأحيان ست ذبائح أو أقل أو أكثر، ثم يرمى أكثر هذا الطعام لعدم وجود من يأكله، حيث إن المجتمعين على الذبيحة هم أهلها وأهل الميت فقط. فما رأي سماحتكم جزاكم الله خيرا في هذا العمل؟ نرجو توجيه نصيحة عل الله ينفع بها المسلمين، وكذلك نرجو شرح حديث: «اصنعوا لآل جعفر طعاما...» حيث سمعه بعض الناس ففهموه بطريقتهم، وتوسعوا في صناعة الطعام كما هو موضح في السؤال
الإجابة :
يستحب إصلاح الطعام لأهل الميت، ويبعث به إليهم إعانة لهم وجبرا لقلوبهم، فإنهم ربما اشتغلوا بمصيبتهم وبمن يأتي إليهم عن إصلاح طعام لأنفسهم؛ لما روى الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه بسند صحيح، عن عبد الله بن جعفر - رضي الله عنهما- قال: لما جاء نعي جعفر قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: «اصنعوا لآل جعفر طعاما فإنه قد أتاهم ما يشغلهم».
أما ما ذكرته في السؤال من أن كل آت للعزاء يحضر معه ذبيحة مطبوخة حتى إنه يجتمع في اليوم الواحد من الذبائح ما يزيد عن الحاجة – فهذا العمل الزائد عن الحاجة خارج عن حد العمل المستحب شرعا، الذي وجه إليه الرسول - صلى الله عليه وسلم-في قوله: «اصنعوا لآل جعفر طعاما» الحديث، وداخل في الإسراف والتبذير المنهي عنه شرعا، قال الله سبحانه: ﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ [الأعراف: 31]، وقال تعالى: ﴿وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا﴾ [الإسراء: 26-27]، وقال ابن عباس «كلوا واشربوا والبسوا من غير إسراف ولا مخيلة» رواه البخاري تعليقا.
ورواه الإمام أحمد والنسائي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: «كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا من غير مخيلة ولا سرف، فإن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده» وعلى الأقارب والأصحاب والجيران أن يتفقوا فيما بينهم في تقديم الطعام لأهل الميت بقدر الحاجة وبالتناوب حتى لا يقعوا في المحظور، وحتى يكون لما يقدمونه وقع في نفوس أهل الميت ويستفاد منه بأكله وعدم رميه، ولأن الإتيان لأهل الميت بالأطعمة الكثيرة المجهزة يخرج الوضع من كونه مواساة وسد حاجة لهم في وقت حزنهم على ميتهم إلى كونه موضع مفاخرة ومباهاة وإشغال لأهل الميت بتصريف هذه الأطعمة والبحث عمن يأكلها، أما صنع أهل الميت الطعام للناس سواء أكان ذلك من مال الورثة أم من ثلث الميت أم من أشخاص يفدون عليهم فهذا لا يجوز؛ لأنه خلاف السنة ومن عمل الجاهلية، ولأن فيه زيادة تعب لهم على مصيبتهم وشغلا إلى شغلهم، وقد روى الإمام أحمد وابن ماجه بسند جيد عن جرير بن عبد الله البجلي - رضي الله عنه- أنه قال: "كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد الدفن من النياحة".
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
المصدر :
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (7/413- 416) المجموعة الثانية.
بكر أبو زيد ... عضو
صالح الفوزان ... عضو
عبد الله بن غديان ... عضو
عبد العزيز آل الشيخ ... نائب الرئيس
عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الرئيس