حكم شق الجيوب ولطم الخدود وحثو التراب على الرؤوس
عدد الزوار
95
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى: عندنا في القرية عادة إذا مات عندهم أحد، تقوم النساء بشق الجيوب ولطم الخدود والنياحة، فيقوم بعض طلبة العلم بنصيحتهن ولكن دون فائدة، وعلاوة على ذلك فإنهن يتبعن الجنائز إلى المقبرة بحالتهن تلك. ويقمن بحثو التراث على رؤوسهن في الطريق، وكذلك الرجال إذا وصلت الجنازة إلى المقبرة ودفنوها، فإنهم يجلسون على القبر يبكون وينوحون، وبعد مضي أربعين يوماً يعملون عشاء للميت يدعون إليه كل من حولهم بدون استثناء وينتهي العزاء بأن تراق القهوة والشاي على الأرض، فما رأيكم في هذه العادة؟ وما الحكم فيمن يفعلها؟
الإجابة :
هذه العادة منكرة وبدعة ضلالة. والواجب على المسلم عند المصيبة أن يرضى بقضاء الله سبحانه وتعالى وقدره، وأن يعلم أن هذه المصيبة لابد أن تقع مهما عمل؛ لأنها قد كتبت، وجفت الأقلام، وطويت الصحف، ومهما كان فلا بد أن يقع ما قدر الله -عز وجل-، ويكون كما كان المسلمون يقولون: ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن.
فإذا اطمأن الإنسان إلى هذا، وعلم أنه من الله - عز وجل- رضي وسلم كما قال علقمة رحمه الله تعالى في قوله تعالى: ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [التغابن: 11] قال: هو الرجل تصيبه المصيبة، فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم.
فوظيفة الإنسان عند المصائب الصبر واحتساب الأجر حتى لا يحرم الثواب؛ فإن المصاب حقيقة من حرم الثواب، وإذا وقعت بك مصيبة فقل: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها، فإنك إذا قلت ذلك آجرك الله في مصيبتك وأخلف لك خيراً منها.
وهذا أمر قاله النبي عليه الصلاة والسلام وشهد به الواقع، فأم سلمة رضي الله عنها كانت تحت أبي سلمة، وكانت تحبه حبًّا شديداً، فلما توفي أبو سلمة - رضي الله عنه- قالت: اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها. وكانت تقول في نفسها: من خيرٌ من أبي سلمة، فلما انقضت عدتها تزوجها النبي - صلى الله عليه وسلم- فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- خيراً لها من أبي سلمة.
وهذا أيضاً تشهد به وقائع كثيرة، فالإنسان إذا صبر واحتسب فإن الله سبحانه وتعالى يوفي الصابرين أجرهم بغير حساب، والجزع والحزن والنياح لا ترد المصيبة، بل توجب الوقوع في الإثم، فإن النياحة على الميت من كبائر الذنوب، فقد لعن النبي - صلى الله عليه وسلم- النائحة والمستمعة.
والنائحة هي التي تنوح على الميت، والمستمعة التي تستمع لها، وكذلك يجب على الرجال أولياء أمور هؤلاء النساء أن يمنعوهن من النياحة، وعلى ولاة الأمور في البلد أي ذوي السلطة يجب عليهم أن يمنعوا مثل هذا في المقابر وفي الأسواق. وأن يمنعوا النساء من اتباع الجنائز حتى يكون المجتمع مجتمعاً إسلاميًّا، عارفاً بالله سبحانه وتعالى، راضياً بقضاء الله وقدره.
المصدر :
مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين(17/ 415- 417)