الجمع بين قوله تعالى: (يدبر الأمر من السماء إلى الأرض..) وقوله تعالى: (تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة)
عدد الزوار
90
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
أبو مصعب محمد سليمان مقيم بالرياض يقول: أرجو إيضاح معنى هاتين الآيتين وهل بينهما تعارض الآية الأولى من سورة السجدة يقول الله تعالى: ﴿يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنْ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ﴾[السجدة: 5] والآية الثانية من سورة المعارج إذ يقول الله تعالى: ﴿تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾[المعارج: 4] ؟
الإجابة :
قبل الإجابة على هذا السؤال: أود أن أبين أنه ليس في كتاب الله ولا في ما صح عن رسول- صلى الله عليه وسلم-تعارض أبداً وإنما يكون التعارض فيما يبدو للإنسان ويظهر له، إما لقصور في فهمه أو لنقص في علمه وإلا فكتاب الله وما صح عن رسوله- صلى الله عليه وسلم-ليس فيهما تعارض إطلاقاً قال الله تعالى: ﴿أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً﴾[النساء: 82] فإذا بدا لك أيها الأخ شيء من التعارض بين آيتين من كتاب الله أو حديثين عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم-أو بين آية وحديث فأعد النظر مرة بعد أخرى فسيتبين لك الحق ووجه الجمع فإن عجزت عن ذلك فاعلم أنه إما لقصور فهمك أو لنقص علمك ولا تتهم كتاب الله عز وجل و ما صح عن رسوله- صلى الله عليه وسلم-بتعارض وتناقض أبدا وبعد هذه المقدمة، أقول: إن الآيتين اللتين أوردهما السائل في سؤاله وهما قوله تعالى في سورة السجدة: ﴿يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنْ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ﴾[السجدة: 5] وقوله في سورة المعارج: ﴿تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾[المعارج: 4] الجمع بينهما أن آية السجدة في الدنيا، فإنه سبحانه وتعالى يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقدار هذا اليوم الذي يعرج إليه الأمر مقداره ألف سنة مما نعد لكنه يكون في يوم واحد ولو كان بحسب ما نعد من السنين لكان عن ألف سنة وقد قال بعض أهل العلم إن هذا يشير إلى ما جاء به الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام: «أن بين السماء الدنيا والأرض خمسمائة سنة» فإذا نزل من السماء ثم عرج من الأرض فهذا ألف سنة وأما الآية التي في سورة المعارج فإن ذلك يوم القيامة كما قال تعالى: ﴿سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ * لِلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ * مِنْ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ * تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ﴾[المعارج: 1-4] فقوله: ﴿تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ﴾ هذه لقوله: ﴿الْمَعَارِجِ﴾ وقوله: ﴿فِي يَوْمٍ﴾ ليس متعلقاً بقوله تعالى: ﴿الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ﴾ لكنه متعلق بما قبل ذلك وقوله: ﴿بِعَذَابٍ وَاقِعٍ * لِلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ* مِنْ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ * تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ فيكون هذا العذاب الذي يقع للكافرين في هذا اليوم الذي مقداره خمسين ألف سنة وهو قوله: ﴿لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ * مِنْ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ * تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ﴾ هي جملة معترضة وبهذا تكون آية المعارج في يوم القيامة وقد ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة في قصة مانع الزكاة «أنه يحمى عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره كلما بردت أعيدت في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة» فتبين بهذا أنه ليس بين الآيتين شيء من التعارض لاختلاف محلهما والله أعلم.
المصدر :
الشيخ ابن عثيمين من فتاوى نور على الدرب