له ثلاث سنوات من زوجته وقد كفاهم المؤونة فهل يأثم في غيابه؟
عدد الزوار
80
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
يقول السائل: لي مدة ثلاث سنوات، وأنا الآن داخل في الرابعة، غائب عن زوجتي وأطفالي، إلا أنني قد كفيتهم المؤونة، مؤونة البيت، ومؤونة المدرسة، هل علي خطأ في غيابي عن زوجتي هذه المدة؟ أرجو التوجيه جزاكم الله خيرا.
الإجابة :
لم يرد فيما نعلم في الشرع المطهر، تحديد لغيبة الزوج، وقد روي عن عمر -رضي الله عنه- : أنه حدد للجنود ستة أشهر من باب الاجتهاد والتحري للخير، فإذا كنت- أيها السائل- غبت في طلب الرزق الحلال، وشغلت عن المجيء إلى أهلك، وهناك أمور ألجأتك إلى طول الغيبة، فنرجو ألا يكون عليك شيء ما دمت قد قمت بحقهم، وأنفقت عليهم، وينبغي لك ألا تطيل الغربة، وأن تلاحظ حاجة الزوجة، وحاجة الأولاد إلى مجيئك، وإلى قضاء وطرك من أهلك، وإلى عفة أهلك، وإلى ملاحظة أولادك وتأديبهم وتربيتهم التربية الإسلامية، إلى غير ذلك من مصالحهم، فينبغي لك أن تلاحظ المدة المناسبة، التي ترجع فيها إليهم ثم تعود إلى عملك، إذا لم يتيسر لك عمل في محل أهلك، ولم يتيسر نقلهم معك في محل مناسب، وأنت على كل حال تنظر ما هو الأصلح في عفة أهلك، وصلاح أولادك من جهة النقل معك، أو من جهة المجيء إليهم في وقت ليس بالطويل، كثلاثة أشهر أو شهرين أو أربعة أو خمسة، على حسب ما يتيسر لك ما دمت في طلب الرزق، وفي طلب الحلال والحاجة إلى ذلك، فليس في هذا وقت مقدر فيما نعلم من الكتاب والسنة، واجتهاد عمر -رضي الله عنه- في ذلك له وجاهته، وقد تحتاج الزوجة إلى أقل من الستة أشهر، قد تكون في محل خطير فيضرها غيبتك ستة أشهر، وقد تكون في محل آمن يكون عندها من العقل والدين والإيمان ما يطمئنك لو أطلت أكثر من ستة أشهر، فالحال تختلف، والنبي - صلى الله عليه وسلم- قال: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي» وعمر منهم، بل هو أفضلهم بعد الصديق، فعليك أن تلاحظ ما هو الأصلح وما هو الأقرب إلى سلامة أهلك وأولادك، من مراعاة الستة أشهر وما هو أقل منها، أو ما هو فوقها على حسب قدرتك، وعلى حسب حال أهلك والطمأنينة على سلامة الأهل، والأولاد مما يضرهم وعدم ذلك، فهو محل اجتهاد ومحل نظر منك، والواجب عليك أن تعمل ما هو الأصلح وما هو الأحوط، وما هو الأقرب إلى سلامة أهلك وأولادك. والله المستعان.
وبالنسبة لهذا العصر وما فيه من المغريات، ننصح بأقل من رأي عمر -رضي الله عنه- ، أنصح بأن تكون المدة أقل من ستة أشهر، وأن يلاحظ الزوج ألا تطول الغيبة، وأن تكون الغيبة قصيرة جدا، مهما أمكن، أو يبقى عند أهله ولو بالمشقة، أو ينقلهم معه؛ لأن الأخطار كثيرة، والفتن كثيرة، والسلامة الآن قليلة في غالب الأماكن، فينبغي له أن يلاحظ ذلك، وأن يحذر أن يقع أهله فيما لا ينبغي بسبب غيبته.
المصدر :
الشيخ ابن باز من فتاوى نور على الدرب(21/322- 324)