حكم التبرع بالأعضاء أو بيعها
عدد الزوار
146
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
السائلة طالبة بالمملكة من سريلانكا تقول: في زماننا هذا كثر التبرع بالعين وربما بيعها ممن قد يئسوا من الحياة فأرجو إجابتكم على الحكم في الحالتين في التبرع والبيع؟
الإجابة :
هذه المسألة كما ذكرت السائلة حدثت أخيراً في الأزمان المتأخرة واختلف أهل العلم فيها فمنهم من أجاز للإنسان أن يتبرع بأحد أعضائه التي يبقى له منها شيء، ثم اختلف هؤلاء هل يجوز أن يتبرع فقط أو له أن يبيع ومن أهل العلم من منع ذلك مطلقاً وقال: لا يجوز لأحد أن يتبرع أو أن يبيع شيئاً من أعضائه حتى وإن كان قد أيس من حياته وذلك لأن بدنه أمانة عنده لا يجوز له أن يتصرف فيه فالإنسان مملوك وليس مالكاً وإذا لم يكن مالكاً لشيء من أعضائه وإنما هي أمانة عنده فإنه لا يجوز له أن يتصرف فيها ببيع ولا غيره وتبرعه بعضو في بدنه من جنسه قد يقوم البدن بدون ذلك العضو الذي تبرع به ولكنه لاشك أن الله تعالى لم يخلق هاذين العضوين إلا لفائدة عظيمة وذلك بأن يتساعدا على المصلحة التي أوكلت إليهما ثم إنه إذا تبرع بأحد هذين العضوين لم يبق له إلا عضو واحد وفي هذه الحال ربما يتعطل ذلك العضو فيكون هذا المتبرع فاقداً للمنفعة كلها ثم إنه إذا تبرع به لغيره فإن تحقق المفسدة فيه قد حصلت حيث فقد ذلك العضو وحصول المصلحة للمتبرع له به أمر محتمل لأن العملية قد لا تنجح، فمثلاً: لو أن أحداً تبرع بكليته لشخص فإنها إذا نزعت منه فقدها وهذه مفسدة ثم إذا زرعت في المتبرع له فإنها قد تنجح وقد لا تنجح فنكون هنا قد ارتكبنا مفسدة لمصلحة غير متيقنة والذي يترجح عندي أنه لا يجوز أن يتبرع أحد بشيء من أعضاء بدنه وإذا لم يجز التبرع فالبيع من باب أولى وأما التبرع بالدم فإن التبرع بالدم للمحتاج إليه لا بأس به وذلك لأن الدم يخلفه غيره فإذا كان يخلفه غيره صار النقص الذي يحصل على البدن مفقوداً ويكون هنا فيه مصلحة إما متيقنة أو محتملة لكن بدون وجود مفسدة ومثل هذا لا تأتي الشريعة بمنعه فالتبرع بالدم لمن احتاج إليه جائز بشرط أن يقرر الطبيب أنه لا ضرر على هذا المتبرع إذا تبرع بدمه.
فضيلة الشيخ! حكم البيع وعرفناه حسب ما ترون ولكن حكم الشراء لو أراد أن يشتري وربما من غير مسلم يشتري عضواً من الجسد؟
إذا حرم البيع حرم الشراء إذا حرم البيع في شيء فإنه يحرم الشراء ولا فرق في هذا بين المسلم وغيره.
فضيلة الشيخ! إذا أنا مضطر لهذا العمل ربما أنقذ به حياة شخص؟
ربما تنقذ به حياة شخص لكنك لا تتيقن أن تنقذ به حياة شخص ولهذا لو كانت المسألة من باب الأكل لا من باب زرع العضو في البدن الذي قد ينفر منه البدن ولا يقبله لو كانت المسألة أكلاً لكان يجوز لك أن تأكل ما لا حرمة له ولهذا اختلف العلماء رحمهم الله فيما لو اضطر الإنسان إلى الأكل وليس عنده إلا ميت هل يجوز له أن يأكل منه أو لا يجوز فالمشهور من مذهب الحنابلة أنه لا يجوز أن يأكل الحي شيئاً من الميت ولو أدى إلى موت الحي لاحترام الميت كاحترام الحي وذهب بعض أهل العلم إلى جواز أكل الحي من هذا الميت لدفع ضرورته قال: لأن حرمة الحي أعظم من حرمة الميت وهذا قول قوي بلا شك ولكن الأكل تندفع به الضرورة يقيناً ولهذا لما حرم الله الميتة أباح للمضطر أن يأكل منها لأن ضرورته تندفع بذلك يقيناً بخلاف الدواء والعلاج ومن ثم قال أهل العلم إنه لا يجوز التداوي بالمحرم ويجوز للإنسان أن يأكل المحرم لدفع جوعه ففرق بين شيء تحصل به المصلحة يقيناً وتندفع به المضرة وبين شيء لا يتيقن فيه ذلك، فإنه لا يرتكب المحظور المتيقن لحصول شيء غير متيقن.
المصدر :
الشيخ ابن عثيمين من فتاوى نور على الدرب