حكم تقديم دلالة المنطوق على المفهوم وهل لهذه القاعدة اعتبار في الشرع؟
عدد الزوار
142
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
يقول بعض علماء الأصول: من موانع اعتبار الدليل - مفهوم المخالفة- ولذلك يقدمون المنطوق من الآيات والأحاديث على المفهوم منها عند التعارض فهل لقاعدتهم هذه نص ينص عليها من الكتاب والسنة أم لا؟ وإذا لم يكن لها نص من الكتاب والسنة فما حكم هؤلاء في الإسلام لأنهم يرفضون بشدة حكم المفهوم من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية إذا تعارض مع المنطوق فمثلاً يرفضون حكم ما تضمنته آية المائدة وهي قوله تعالى: ﴿وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ﴾[المائدة: 5] بدعوى أنها مفهوم ويأخذون ما تضمنته آية الأنعام وهو قوله تعالى: ﴿فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ﴾[الأنعام: 118] ويحتجون بهذه الآيات ونحوها بتحليل ذبيحة كل من في الأرض جميعاً إذا ذكر الله عند ذبح الذبيحة وإن كان الذابح وثنياً أو مرتداً أجيبونا بارك الله فيكم عن هذا الموضوع؟
الإجابة :
هذه القاعدة التي ذكرها أهل الأصول في أن دلالة المنطوق أقوى من دلالة المفهوم ظاهرة جداً؛ لأن دلالة المنطوق واضحة في محلِّ النطق أما دلالة المفهوم، فإن اللفظ يدل عليها لا في محلِّ النطق وما دل عليه اللفظ في محل النطق فإنه أولى ولأنّ دلالة المفهوم قد تكون غير مرادة وقد تصدق ببعض الصور دون بعض بخلاف دلالة المنطوق فإنها دالّة على كل صورها دلالة مطابقة ودلالة تضمّن ودلالة التزام وأما ما ذكره السائل من التمثيل بآية المائدة مع آية الأنعام فإنه لا ريب أن غير أهل الكتاب لا تحل ذبيحتهم لأن الله تعالى خصّص ذلك بقوله: ﴿وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ﴾[المائدة: 5] وهذا القيد ليس من باب اللقب كما قاله بعضهم وإنما هو من قيد الوصف إذ أن صلة الموصول بمنزلة الوصف فأنت إذا قلت يعجبني الذي فهم فهو بمنزلة قولك يعجبني الفاهم والفاهم وصف وله مفهوم يعلّق به الحكم فطعام الذين أوتوا الكتاب هو كقولك طعام المؤتَيْن الكتاب وهذا وصف وليس لقباً كما ادعاه بعضهم وبناءً على ذلك تكون دلالة المنطوق فيه ظاهرة ودلالة المفهوم فيه ظاهرة لأن الحكم إذا عُلِّق على وصف ثبت بوجوده وانتفى بانتفائه فيكون منطوق الآية طعام الذين أوتوا الكتاب حلٌّ وطعام غير الذين أوتوا الكتاب ليس بحلّ وبهذا يكون قوله تعالى: ﴿فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ﴾[الأنعام: 118] أي مما ذبحه من هو أهل للذبح وهو المسلم والكتابي من اليهود والنصارى هذا هو القول الراجح الذي عليه جمهور أهل العلم.
المصدر :
الشيخ ابن عثيمين من فتاوى نور على الدرب