ما سبب التمسك بآراء المذاهب الأربعة ؟
عدد الزوار
84
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
السؤال الثاني من الفتوى رقم( 5166)
ما سبب تمسكنا بالأقوال والمذاهب الأربعة وما العلاقة بينهم وبين الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وهل يعرف الرسول بأنهم سيأتون من بعده وهل إذا كان يوم القيامة يسأل الله الأمة عن المذاهب الأربعة أو على من اتبعوا من المذاهب الأربعة وهل صحيح في الدين الإسلامي أن نختار واحدا منها ونتبعه وما حكم اختيار ذلك وما المراد بالمذاهب الأربعة وهل إذا كان رجل مسلم لم يتمذهب بأي مذهب من المذاهب الأربعة هل عليه ذنب؟
الإجابة :
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه. . وبعد:
أولاً: سبب التمسك بالأقوال والمذاهب الأربعة هو أنها تعتمد في الأصل على مصادر التشريع من الكتاب والسنة والإجماع والقياس وغير ذلك من الأدلة.
ثانياً: العلاقة بين الأئمة الأربعة وبين الرسول -صلى الله عليه وسلم-هي أن السنة التي جاء بها-صلى الله عليه وسلم- مصدر من مصادر التشريع التي اعتمدوا عليها فهم متبعون لسنته-صلى الله عليه وسلم-.
ثالثاً: الرسول -صلى الله عليه وسلم- لا يعرف أنهم سيأتون من بعده؛ لأن هذا من علم الغيب وهو من اختصاص الله جل وعلا، والرسول -صلى الله عليه وسلم- لا يعلم من الغيب إلا ما أطلعه الله عليه، ونحن لا نعلم دليلاً يدل على أن الله أطلعه على ذلك، كما قال تعالى: ﴿قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ﴾[النمل: 65] وقال تعالى: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا﴾[الجن: 26-27].
رابعاً: يجب على المسلم أن يتعلم أمور دينه ويسأل أهل العلم عما أشكل عليه كما قال تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾[النحل: 43]، والله جلّ وعلا لا يسأل الناس يوم القيامة عن المذاهب الأربعة ولا عن ما تبعوا من المذاهب الأربعة وإنما السؤال يقع عن اتباع شرع الله وإجابة رسله قال تعالى: ﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾[الحجر: 92-93] وقال تعالى: ﴿وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ﴾[القصص: 65].
خامساً: المذاهب الأربعة هي مذهب أبي حنيفة ومالك بن أنس ومحمد بن إدريس الشافعي وأحمد بن حنبل -رضي الله عنهم-، وكل واحد منهم استنبط ما فتح الله عليه به من فقه كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وإجماع الأمة وقياس بعض الأمور على بعض إذا كانت متشابهة ومشتركة في العلة، وأنه لا يوجد فارق مؤثر بينها، وهم مجتهدون، والمجتهد إن أصاب فله أجران: أجر اجتهاده وأجر إصابته، وإن أخطأ فله أجر اجتهاده، وخطؤه معفو عنه، وما استنبطوه من الفقه يعرض على مصادر التشريع، فما وجد له مستند شرعي أخذ به، وما لم يوجد له مستند من الأدلة رد، فإن كلا يؤخذ من قوله ويرد إلا محمدا -صلى الله عليه وسلم-.
فمن استطاع أن يأخذ الأحكام بأدلتها وجب عليه ذلك، ومن لم يستطع وجب عليه أن يسأل أهل العلم عما أشكل عليه، وبهذا يعلم أنه يتبع من المذاهب ما استند إلى دليل شرعي ما لم يخالفه ما هو أقوى منه، وأنه لا يجوز أن يعتمد شخص على مذهب ويعمل بجميع ما فيه، بصرف النظر عن المستند الشرعي لما يأخذ به، وأنه لا يلزمه الأخذ بمذهب واحد منهم، بل عليه إن كان من أهل العلم أن يأخذ بالدليل، وإلا سأل أهل العلم عما أشكل عليه كما سبق.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
المصدر :
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء(5/49)
عبد الله بن غديان ... عضو
عبد الرزاق عفيفي ... نائب الرئيس
عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الرئيس