حكم استعمال الأطياب التي تحتوي على نسبة من الكحول
عدد الزوار
85
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
من مصر إحدى الأخوات المستمعات تقول: هل يجوز الاستخدام الظاهري للروائح والعطور التي تحتوي على نسبة من الكحول كما في تطهير الجروح وغيرها أفيدونا أفادكم الله؟
الإجابة :
هذا السؤال يحتاج في الجواب عليه إلى أمرين، الأمر الأول: هل الخمر نجس أو ليس بنجس؟ وهذا مما اختلف فيه أهل العلم وأكثر أهل العلم على أن الخمر نجس نجاسة حسية، بمعنى أنه إذا أصاب الثوب أو البدن أو البقعة وجب التطهر منه ومن أهل العلم من يقول: إن الخمر ليس بنجس نجاسة حسية؛ وذلك لأن النجاسة حكم شرعي يحتاج إلى دليل وليس هناك دليل على أن الخمر نجس، وإذا لم يثبت بدليل شرعي أن الخمر نجس، فإن الأصل الطهارة وإذا كان الأصل الطهارة، فإن من قضى بنجاسته يطالب بالدليل وقد يقول قائل: الدليل من كتاب الله في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾[المائدة: 90] والرِّجس بمعنى النجس؛ لقوله تعالى: ﴿قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ﴾[الأنعام: 145] أي هذا المطعوم المذكور من الميتة ولحم الخنزير والدَّم المسفوح: ﴿فَإِنَّهُ رِجْسٌ﴾، أي نجس والدليل على أن المراد بالرِّجس هنا النِّجس قول النبي -صلى الله عليه وسلم- في جلود الميتة: «يطهرها الماء والقرظ»، فإن قوله: «يطهرها» دليل على أنها كانت نجسة وهذا أمر معلوم عند أهل العلم، فإذا كان الرِّجس بمعنى النجس، فإن قوله تعالى في آية تحريم الخمر: ﴿رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ﴾[المائدة: 90] أي نجس، ولكن يجاب على ذلك؛ بأن المراد بالرِّجس هنا الرجس العملي لا الرجس الحسي بدليل قوله: ﴿رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ﴾[المائدة: 90] وبدليل أن الميسر والأنصاب والأزلام ليست نجسة نجاسة حسية كما هو معلوم والخبر هنا: ﴿رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ﴾ [المائدة: 90] خبر عن الأمور الأربعة عن الخمر والميسر والأنصاب والأزلام وإذا كان خبراً عن هذه الأربعة، فهو حكم عليها جميعاً بحكم تتساوى فيه، ثم إن عند القائلين بأن الخمر ليس بنجس نجاسة حسية دليلاً من السنة، فإنه لما نزل تحريم الخمر لم يأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بغسل الأواني منها: والصحابة -رضي الله عنهم- أراقوها في الأسواق. ولو كانت نجسة ما أراقوها في الأسواق لما يلزم من تنجيس الأسواق وتنجيس المارين بها، بل قد ثبت في صحيح مسلم في قصة الرجل الذي أهدى راوية خمر للنبي -صلى الله عليه وسلم- فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إنها حرمت فساره رجل أي تكلم مع هذا الصحابي رجل آخر سراً يقول له: بعها فسأله النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك فأخبره أنه يقول له بعها فقال -صلى الله عليه وسلم-: إن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه. ففتح الرجل فم الرواية وأراق الخمر» بحضرة النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يأمره النبي -صلى الله عليه وسلم- بغسلها من هذا الخمر، فدل ذلك على أن الخمر ليس بنجس نجاسة حسية هذا هو الأمر الأول الذي يحتاجه هذا السؤال.
أما الأمر الثاني: فهو إذا تبين أن الخمر ليس بنجس وهو القول الراجح عندي، فإن الكحول لا تكون نجسة نجاسة حسية، بل نجاستها معنوية؛ لأن الكحول المسكرة خمر لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «كل مسكر خمر»، وإذا كانت خمراً فإن استعمالها في الشرب والأكل بأن تمزج في شيء مأكول ويؤكل حرام بالنص والإجماع، وأما استعمالها في غير ذلك كالتطهير من الجراثيم ونحوه، فإنه موضع نظر، فمن تجنبه فهو أحوط، وأنا لا استطيع أن أقول: إنه حرام لكني لا استعمله بنفسي إلا عند الحاجة إلى ذلك كما لو احتجت لتعقيم جرح أو نحوه والله أعلم.
المصدر :
الشيخ ابن عثيمين من فتاوى نور على الدرب