حكم القول بعدم وجوب التسمية عند الذبح وحكم قطع الودجين والحلقوم والمريء
عدد الزوار
157
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
هناك من يقول: لا تلزم التسمية على الذبيحة من المسلم لأنه لو تكلم لما تكلم إلا بتسمية الله عز وجل؟
الإجابة :
هذا القول ضعيف جداً؛ لأن النبي-صلى الله عليه وسلم-يقول: «ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل» ومن المعلوم أن النبي-صلى الله عليه وسلم-كان في وسط جماعة المسلمين فهو يخاطب المسلمين في عامة مخاطباته ثم لو كان المقصود ما قاله هؤلاء لقال ما أنهر الدم وذبحه المسلمون فكل ثم إن الرسول - عليه الصلاة والسلام- يقول لأهل الصيد الذين يرسلون كلابهم أو سهامهم يقول: «إذا أرسلت سهمك وذكرت اسم الله عليه» «إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله عليه» فلا بد من هذا الشرط ثم إن قوله تعالى: ﴿وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرْ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ﴾[الأنعام: 121] صريحٌ في النهي عن أكل ما لم يسمَ الله عليه ولهذا كان القول الصحيح في هذه المسألة ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-وهو أن الذكاة يشترط فيها التسمية وأن التسمية في الذكاة لا تسقط سهواً ولا جهلاً ولا عمداً وأن ما لم يسمَ الله عليه فهو حرام مطلقاً وعلى أي حال لأن الشرط لا يسقط بالنسيان ولا بالجهل وهذا القول أولى من القول المشهور عند الحنابلة - رحمهم الله - وهو المذهب أنه إذا ترك التسمية سهواً في الذبيحة حلت وإذا ترك التسمية سهواً في الصيد لم يحل وهذا لو أردنا أن نرجع إلى الواقع لكنا نعذر صاحب الصيد أكثر مما نعذر صاحب الذبيحة؛ لأن صاحب الذبيحة يذبحها على تؤدة ويقل نسيانه أما صاحب الصيد فإنه يرمي سهمه انتهازاً للفرصة ومثل هذا يغيب عنه كثيراً التسمية فعذر صاحب الذبيحة وعدم عذر صاحب الصيد كان الأولى والأجدر من حيث النظر أن يكون الأمر بالعكس لكننا نقول ما ذهب إليه فقهاء الحنابلة رحمهم الله في عدم حل صيد ما لم يذكر اسم الله عليه هو الصواب ولكن أيضاً نلحق به الذبيحة ونقول الذبيحة إذا نسي أن يسمي الله عليها، فإنها تكون حراماً لا يحل أكلها.
فضيلة الشيخ: ذكرتم قطع الودجين في الذبيحة لكن كثيرٌ من المسلمين يتحرجون من النظر إلى الذبائح وهي معلقة في دكاكين الجزارين حيث يرون أن اتصال النخاع الشوكي بالرأس لم يقطع فما حكم ذلك؟
هذا لا يضر وهذه المسألة لم يرد عن النبي-عليه الصلاة والسلام- تفصيل بالنسبة لما يقطع. وفي الرقبة أربعة أشياء: الودجان اثنان والحلقوم والمريء.
الحلقوم: مجرى النفس وهو العظام اللينة المدورة والمريء مجرى الطعام والشراب وهو تحت الحلقوم مما يلي عظم الرقبة هذه الأمور الأربعة تمام الذكاة بقطعها جميعاً بلا شك إذا قطعت جميعاً فهذا تمام الذكاة فإذا قطع بعضها، فإن من العلماء من يرى بأن الشرط قطع الحلقوم والمري وأن قطع الودجين ليس بشرط ومنهم يرى أن قطع الودجين هو الشرط وأن قطع الحلقوم والمريء على سبيل الاستحباب فقط ومنهم من يرى أن الشرط قطع ثلاثة من الأربعة، إما على التعيين أو على عدم التعيين وهذه الاضطرابات في أقوال أهل العلم سببه أنه ليس في المسألة سنةٌ قاطعة تبين ما يقطع في الذكاة ولكننا إذا نظرنا إلى المعنى الذي يدل عليه قوله -صلى الله عليه وسلم-: «ما أنهر الدّم فكوا»، ولم يذكر اشتراط شيء آخر أبداً، ثم تأملنا في قطع هذه الأمور الأربعة ما الذي يحصل به إنهار الدّم، فإنه يتبين أن إنهار الدّم إنما يحصل بقطع الودجين كما هو معلوم، ثم إن أهل العلم عللوا تحريم الميتة التي لم تذكَ كالمنخنقة والموقوذة وما أشبهها عللوا ذلك بأنه قد احتقن بها الدم فصارت خبيثةً به. ومعلومٌ أن الودجين يحصل بهما إفراغ الدم تماماً لهذا نرى أن المعتبر في الذكاة إنما هو قطع الودجين فقط وذلك لإشارة الحديث: «ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه» بإشارة الحديث هذا إلى وجوب قطعهما وعدم وجود ما يوجب قطع الحلقوم والمريء.
المصدر :
الشيخ ابن عثيمين من فتاوى نور على الدرب