حكم ما تتوهمه بعض النساء من نجاسة الحائض
عدد الزوار
87
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
بعض الفتيات يتوهمن أن المرأة الحائض أصبحت نجسة، فلا يجوز لها الذِّكر، ولا استماع القرآن، وإنما الاتجاه لسماع الغناء واللهو، نرجو تبيين هذا الحكم، وما الذي يجوز أيضا للحائض؟
الإجابة :
هذا توهم لا ينبغي، الحائض مشروع لها ما يشرع لغيرها: من ذكر الله -عز وجل- ، وتسبيحه، وتحميده، وتهليله، وتكبيره، والاستغفار، والتوبة، وسماع القرآن ممن يتلوه، وسماع العلم، والمشاركة في حلقات العلم، وسماع ما يذاع من حلقات العلم وحلقات القرآن، والاستفادة من ذلك مثل غيرها.
والنبي -صلى الله عليه وسلم- قال للحائض: «افعلي ما يفعله الحاج، غير أن لا تطوفي حتى تطهري» أقر لها أن تفعل ما يفعله الحجاج؛ من التلبية والذكر وسائر الأمور الشرعية، ما عدا الطواف، فدل ذلك على أن الحائض مثل غيرها؛ ترمي الجمار، تلبي، تذكر الله بتسبيح، تحمد الله، تهلل، تستغفر، يعني: تفعل كل شيء ما عدا الطواف إذا كانت محرمة بالحج أو العمرة حتى تطهر، كذلك في بيتها تستعمل ما تستطيع من ذكر الله -عز وجل- ، وتسبيحه، وتحميده، وتهليله، وتكبيره، والاستغفار، والدعوة إلى الله والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وتجلس للعلم ومطالعة الأحاديث وغير ذلك، أما قراءة القرآن ففيه خلاف، بعض أهل العلم يرى أنها تمنع من قراءة القرآن، والقول الثاني أنها لا تمنع من قراءة القرآن عن ظهر قلب، وهذا هو الأقرب والأظهر؛ أنه لا يمنعها أن تقرأ القرآن عن ظهر قلب من دون مس المصحف، كالمعلمة تعلم البنات القرآن عن ظهر قلب، وكالتلميذة التي تحتاج إلى قراءة القرآن من غير مس المصحف، كذلك الصحيح أنه لا حرج في قراءتها عن ظهر قلب؛ لأن مدة الحيض تطول، وهكذا النفاس بخلاف الجنب، فالجنب لا يقرأ القرآن لا في المصحف، ولا عن ظهر قلب حتى يغتسل؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان لا يقرأ القرآن وهو جنب -عليه الصلاة والسلام- ، ولأن الجنب يعني وقته قصير يستطيع في الحال أن يغتسل ويقرأ، ما هناك له موانع، لكن الحائض تحتاج إلى أيام وليال، ليس باختيارها، وهكذا النفساء أطول وأطول، فلهذا الصحيح أنه لا حرج عليها في قراءة القرآن عن ظهر قلب، من المصحف، وبهذا تعلم أن الحائض تشارك في كل شيء من الخير، ولا تمنع ما عدا مس المصحف وما عدا الصلاة؛ لأنها لا تصلي ولا تصوم حتى تنتهي من حيضها ونفاسها، ثم تقضي الصوم دون الصلاة، وليس عليها قضاء الصلاة؛ لأن الله سامحها، سامح الحائض والنفساء، فالصلاة لا تقضيها، ولا تجب عليها مدة الحيض والنفاس، لكن الصوم تقضيه بعد طهرها بعد رمضان، تقضي ما أفطرت من الأيام.
سئلت عائشة -رضي الله عنها- ، قالت السائلة: «يا أم المؤمنين، ما بالنا نقضي الصوم ولا نقضي الصلاة؟ فقالت عائشة -رضي الله عنها-: كنا نؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة». يعني من النبي -صلى الله عليه وسلم- ، كان يأمرهن بقضاء الصوم، ولا يأمرهن بقضاء الصلاة، وبهذا علم أن الصوم يقضى والصلاة لا تقضى، وهذا محل إجماع عند المسلمين، فقد أجمع العلماء على أن الصلاة لا تقضى في حق الحائض والنفساء، ولكنهما تقضيان الصوم فقط؛ صوم رمضان، فالحاصل أن الحائض والنفساء يشرع لهما ذكر الله، وتسبيحه، وتحميده، وتهليله، وتكبيره، وحضور حلقات العلم، وسماع القرآن ممن يتلوه، والإنصات لذلك، والمشاركة في كل خير ما عدا أنها لا تصلي حتى تطهر، ولا تصوم حتى تطهر، ولا تقرأ القرآن من المصحف، أما عن ظهر قلب فالصحيح أنه يجوز لها ذلك في أصح قولي العلماء، ولا سيما عند الحاجة.
المصدر :
الشيخ ابن باز من فتاوى نور على الدرب(5/417- 420)