هل رضا المرأة معتبر في النكاح ، وهل يلزم حضورها مجلس العقد ؟
عدد الزوار
161
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
من المعروف أن العقد شريعة المتعاقدين، هذا أمر مسلم به ولا جدال فيه، وأن من شروط صحة العقد أيًّا كان هو الرضى من الطرفين المتعاقدين الشهود العيان، ومحل نشأة العقد، لكن ماذا عن عقد الزواج الذي يتم عن طريق المأذون الشرعي أو القاضي بحضور طرف واحد من أطراف العقد في حين أن هذا الطرف هو الزوج، والطرف الآخر هو ولي الزوجة، حيث إنه يتم عادة الزواج بهذه الكيفية للعقد، دون حضور الزوجة، الطرف الثاني الأصلي، وصاحبة الشأن، بالرغم من أن الزوجة لم يؤخذ رأيها، وقت تقدم الزوج لطلب يدها، وهذه عادة يسير عليها أهالي مدينتي بعدم أخذ رأي الفتاة أو التي ترغب في الزواج عندما يتقدم لها أحد، حتى ولو فرض أن هذا المتقدم قريب لها، ويستمر على هذا الأسلوب ليخلص إلى أن المخطوبة لا يؤخذ رأيها، وعند كتابة العقد لا تكون حاضرة ويسأل عن الحكم؟
الإجابة :
العقود أنواع: فعقد النكاح له شأن، وعقد البيع والإجارة أو نحوهما له شأن آخر، فعقد البيع يستحب فيه الإشهاد؛ لأن الله قال: ﴿وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ﴾[البقرة: 282] فإذا تبايع وأشهد شاهدين، فهذا هو الأفضل، وهذا هو السنة، وإن كان دينًا شرع مع ذلك الكتابة، أن يكتبا العقد بينهما؛ كما قال الله جل وعلا: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ﴾[البقرة: 282] فالسنة الكتابة مع الإشهاد، أما إذا كانت التجارة حاضرة كفى الإشهاد فإن تبايعا من دون إشهاد صح البيع، وفاتتهم السنة؛ لأنه ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم- ما يدل على صحة البيع، ولو من دون إشهاد، وإنما هو مستحب، أما عقد النكاح فله شأن آخر، فلا بد من رضا المرأة إذا كانت ثيبًا قد تزوجت أو بكرًا على الصحيح من أقوال العلماء مع هذا فإن الشاهدين يحضران العقد بحضرة الزوج والولي، أما المرأة فلا يشترط حضورها ولا لزوم لحضورها، ما دامت راضية بالعقد، فلا يحتاج إلى حضورها، وإنما المطلوب أربعة: الزوج والولي والشاهدان، هؤلاء هم الذين يحضرون العقد، فإذا حضر الشاهدان كفى؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم- : «لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل» فالمقصود أنه يزوج المأذون الزوجة من جهة الولي بحضرة الشاهدين، فيقول الولي: زوجتك ابنتي أو أختي أو ابنة أخي على حسب حال المنكوحة، ويقول الزوج قبلت هذا الزواج، والشاهدان يسمعان، هذا إذا كانت الزوجة راضية بشاهدين يشهدان برضاها، أو المأذون قد حضرت عنده، وعرف رضاها، أو أبوها أخبر بذلك، وهو ممن يوثق به ويطمئن إليه، كفى ذلك. أما ما يتعلق بالبكر ففيها خلاف مثل ما تقدم، لكن الصحيح أنه لا بد من رضاها، وليس لأبيها أن يزوجها بغير رضاها؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم- : «والبكر يستأذنها أبوها وإذنها سكوتها» ولقوله - صلى الله عليه وسلم- : «لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن، قالوا: وكيف إذنها ؟ قال: أن تسكت» فلا بد من إذنهما جميعًا الثيب والبكر، ولو كان الولي هو الأب على الصحيح من قولي العلماء، وقال بعض أهل العلم إن لأبيها خاصة أن يزوجها بغير إذنها؛ لأنه أعلم بمصالحها، لما جاء في بعض الروايات قال - صلى الله عليه وسلم- «واليتيمة تستأمر» والمفهوم أن غير اليتيمة لا تستأمر، والصواب أن هذا لا مفهوم له، وأن طلب الاستئذان لليتيمة وغير اليتيمة، ولكن نص النبي -عليه الصلاة والسلام- على اليتيمة لشدة الحاجة إلى استئذانها، وإلا فالجميع يستأذن جميع النساء يستأذن، البكر والثيب واليتيمة وغير اليتيمة، كل النساء، هذا هو الصواب، وإذا زوجها أبوها بغير إذنها وهي بكر وأجازه الحاكم الشرعي مضى؛ لأن الحاكم حكمه يرفع الخلاف، فإذا أجازه بعض الحكام من القضاة أخذًا بقول من قال: إن البكر لا يستأذنها أبوها وأنه أعلم بمصالحها، فهذا قول معروف لأهل العلم، وإذا أجازه الحاكم وأمضاه الحاكم ارتفع الخلاف، ولكن لا يجوز لأبيها أن يتساهل في هذا، ولا أن يتعلق ببعض الخلاف في ذلك؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم- قد حكم في الموضوع، وهو المشرع -عليه الصلاة والسلام- وهو الذي يجب على الأمة أن تأخذ بقوله وتستقيم على شرعه -عليه الصلاة والسلام- ؛ ولأن الأب لا يؤمن، فقد يتساهل في هذا، إما لكونه ابن أخيه، أو لأنه أعطاه مالاً كثيرًا، أو لغير هذا من الأسباب، فلا يبالي بالبنت ولا يرحمها، ولا يعطف عليها، ولا يبالي برضاها وعدمه، فلهذا جاء الشرع بالاستئذان مطلقًا، ولو كان أباها، ولو كانت بكرًا، لا بد من الاستئذان على الصحيح دفعًا للمضرة عن البنت، وحرصًا على سلامة مطلوبها؛ ولأن الزوج له شأن عظيم، فلا بد من رضاها به.
المصدر :
الشيخ ابن باز من فتاوى نور على الدرب(20/175- 178)