لم تتمكن من الوفاء بنذرها لمشقة عملها فما الحكم ؟
عدد الزوار
120
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
المستمع حسن أحمد الحسين من خميس مشيط حارة الضباط يقول: والدتي مرضت مرضاً شديداً ونذرت على نفسها إذا شافاها الله من هذا المرض أن تصوم تسعة أيام من كل شهر، فشفيت بإذن الله من مرضها وصامت هذه الأيام عدة أشهر في كل شهر تسعة أيام، ولكن حصل لها ظروف في الحياة من رعي الأغنام والزراعة والحصاد ونحو ذلك، فلم تستطع صيام هذه الأيام، فاقتصرت على صيام ثلاثة أيام من كل شهر وهي إلى الآن لم تقطع صيام هذه الأيام الثلاثة، فماذا عليها في ترك صيام الأيام الستة المتبقية من النذر ؟ وماذا يجب عليها أن تعمل إن أرادت التخلص من هذا النذر ؟
الإجابة :
الحمد لله رب العالمين. وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. أما بعد: فإنه قبل الإجابة على سؤال الرجل عن نذر أمه أود أن أقول: إن النذر مكروه، بل إن بعض أهل العلم حرمه؛ لأن النبي- صلى الله عليه وسلم - نهى عنه وقال: «إنه لا يأتي بخير وإنما يستخرج به من البخيل»، فالشفاء لا يجلبه النذر، والغنى لا يجلبه النذر، والولد لا يجلبه النذر، والنجاح في الحياة أو في الدراسة لا يجلبه النذر إلى غير ذلك من الأمور المحبوبة أو زوال الأمور المكروهة لا يكون النذر جالباً لها؛ لعموم قول النبي عليه الصلاة والسلام: «إنه لا يأتي بخير»، وإنما الخير بيد الله عز وجل والرب عز وجل كريم يتكرم على عباده بدون أن يشترطوا له شيئاً يتعبدون له به من صيام أو صدقة أو غيرها، ثم إن النذر إلزام للنفس بما لم يُلزمه الله عز وجل، وتكليف لها بما لم تكلف به، ثم إن كثيراً من الناذرين يصعب عليهم بعد ذلك الوفاء بالنذر ويشق عليهم وربما يتهاونون به ويدعونه، وهذا خطر عظيم واستمع إلى قول الله عز وجل: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنْ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ﴾[التوبة: 75 - 76]، فماذا كان حالهم بعد ذلك ؟ قال الله تعالى: ﴿فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ﴾[التوبة: 77].
وما أكثر الناذرين الذين إذا نذروا شيئاً لحصول شيء فحصل ذلك الشيء الذي علق عليه النذر ما أكثر الذين يتجولون يميناً وشمالاً ليجدوا عالماً يرخص لهم في الخلاص مما ألزموا به أنفسهم.
فإذا علمت أيها المؤمن عاقبة النذر وعلمت أن النبي- صلى الله عليه وسلم -نهى عنه فإنك تتجنبه طاعة للرسول - صلى الله عليه وسلم - ، وحماية لنفسك من أن تلزمها بما لم يلزمك الله به، ولكن بعد هذا كله إذا نذر الإنسان طاعة سواء كان نذراً مطلقاً أو معلقاً بشرط فإنه يجب عليه أن يفي بتلك الطاعة؛ لأنها تكون واجبة؛ لقول النبي- صلى الله عليه وسلم - : «من نذر أن يطيع الله فليطعه»، ووالدتك هذه نذرت نذراً يمكنها أن تقوم به وهو أن تصوم تسعة أيام من كل شهر إذا شفاها الله تعالى، وقد شفاها الله من مرضها الذي علقت على الشفاء منه هذا النذر، ويمكنها أن تصوم هذه الأيام التسعة موزعة على الشهر، فتصوم ثلاثة في العشر الأول وثلاثة في العشر الأوسط وثلاثة في العشر الأخير من الشهر ما دامت لم تشترط التتابع أو تنوه، ولا خلاص لها من ذلك، اللهم إلا أن تعجز عنه عجزاً يبيح لها الفطر في رمضان من مرض ونحوه فحينئذٍ لها أن تدع ذلك من أجل هذا العذر وتقضيه في وقت آخر. نعم.
المصدر :
الشيخ ابن عثيمين من فتاوى نور على الدرب