حكم طلاق الثلاث بلفظ واحد
عدد الزوار
82
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
يقول السائل: أنا رجل متزوج من ابنة عمي، ومشكلتي هي أهل زوجتي، هم يحاولون إيقاع المشكلات بيني وبينها، بتحريضها على كثرة الطلبات والإسراف في مالي، وعصياني فيما آمرها به، حتى الصلاة لا تصليها، وذات مرة حاولت معها أن تصلي فرفضت وغضبت منها، وقلت لها: أنت طالق بالثلاث ولم أكن أقصد طلاقها وخصوصا أن عندي منها ولدا، ولكني أخاف أن يملأ قلبه علي حقدا وكراهة، فما رأيكم في هذه القضية وفي الطلاق أفيدوني بارك الله فيكم؟
الإجابة :
لا ريب أن تحريض أهل المرأة للمرأة على عصيان زوجها، ومخالفة أوامره وإدخال الأذى عليه، في ماله وغيره من المحرمات، ومن المنكرات التي يجب عليهم تركها والحذر منها، والواجب على المسلمين جميعا أن يتعاونوا على البر والتقوى، وعلى أهل المرأة بالأخص أن يتعاونوا مع ابنتهم وزوجها على البر والتقوى، وأن يكونوا راغبين في إصلاح ذات البين، وعدم الشقاق بين الزوجين، هذا هو الواجب عليهم، إلا إذا كان الفراق بينهما أصلح في اجتهاد أهل المرأة، فإنهم ينظرون في ذلك بالطريق السوي، وبالأساليب الحسنة، لا بالأذى والظلم والعدوان، وفي إمكانهم أن يطلبوا من الزوج أن يطلقها من غير عوض أو بعوض، ويوضحوا له الأسباب؛ لأن إيذاءه وتحريضها على أذاه، ومخالفته من دون أمر شرعي، هذا أمر لا يجوز، بل هو منكر، أما كونها لا تصلي، فهذا أشد وأخطر، فإن ترك الصلاة كفر بالله -عز وجل- ، للرجال والنساء جميعا، وقد صح عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» أخرجه الإمام أحمد وأصحاب السنن بإسناد صحيح، عن بريدة بن الحصيب -رضي الله عنه- ، وفي صحيح مسلم - رحمه الله - عن جابر بن عبد الله الأنصاري -رضي الله عنمها- ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «بين الرجل وبين الشرك- والكفر ترك الصلاة» والتعبير بالرجل لا يدل على التخصيص، إنما تأتي النصوص كثيرا باسم الرجل؛ ل
كون الرجل أفضل الجنسين، وإلا فالحكم عام، إلا ما خصه الدليل، فترك الصلاة كفر من الرجال والنساء جميعا، وقال -عليه الصلاة والسلام- : «رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله» فإذا كانت لا تصلي فلا خير في بقائها معك أيها السائل، والواجب فراقها، لأنها لا تحل لك، قال الله في الكفرة: ﴿لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ﴾[الممتحنة: 10] بل يجب عليك تركها حتى تتوب، هذا هو الصحيح من أقوال العلماء؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر، وإن لم يجحد التارك وجوبها، أما إن جحد وجوبها فقد كفر بالإجماع، ولا خلاف بين أهل العلم في أن من تركها جاحدا لوجوبها فهو كافر، وإنما الخلاف فيمن تركها تهاونا، مع إقراره واعترافه بوجوبها، والصحيح أن تركها كفر مطلقا، والواجب على هذه المرأة التوبة إلى الله والبدار بذلك، فإذا تابت إلى الله فهي زوجتك، وإلا فالواجب فراقها، ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ﴾[الطلاق: 2-3] والله سبحانه يقول: ﴿وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلا مِنْ سَعَتِهِ﴾[النساء: 130] فطلقها طلقة واحدة، احتياطا وخروجا من خلاف العلماء، ونسأل الله لها الهداية والرجوع إلى الصواب والحق، أما الطلاق الذي صدر منك، وهي أنك قلت: إنها طالق بالثلاث، فإذا كان الواقع هو هذا اللفظ، وليس قبله طلقتان، فإنه يعتبر طلقة واحدة رجعية على الصحيح من أقوال أهل العلم لما ثبت في الصحيح عن ابن عباس -رضي الله عنمها- ، «أن الطلاق على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم- وعهد الصديق، وفي أول خلافة عمر طلاق الثلاث يجعل واحدة» وأفتى بهذا ابن عباس في رواية صحيحة عنه، وأفتى به جماعة من السلف التابعين وغيرهم وهذا هو الصواب: أن الطلاق بالثلاث بكلمة واحدة يعتبر طلقة واحدة، هذا هو أرجح القولين، عند أهل العلم، أما إن كان قبله طلقتان فقد انتهت الطلقات الثلاث، وحرمت عليك حتى تنكح زوجا غيرك، فينبغي لك أن تنظر في الأمر، وأن تنصح للمرأة بالتوبة لله -عز وجل- ، وتنصح لأهلها أيضا، وتستعين بمن ترى من الأقارب والأصدقاء حتى ينصحوها، حتى ترجع إلى الله، وتتوب إليه وينصحوا أهلها حتى يساعدوا في توبتها والرجوع إلى الله وحتى يساعدوا أيضا في بقاء العشرة، واستقامة الأحوال بينك وبينها، ونسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.
المصدر :
الشيخ ابن باز من فتاوى نور على الدرب(21/474- 478)