زوجها طلقها مرارا حال الغضب فما حكم طلاقها وحكم قولها له: (أنت ابني أو أخي)
عدد الزوار
89
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
تقول إنها امرأة لرجل يبلغ الحادي والستين سنة من العمر وهو مصاب بمرض السكر لذا وهو سريع الغضب وحينما يغضب لأي سبب فإنه تصدر منه ألفاظ غير لائقة وكثيراً ما يتلفظ بالطلاق حتى لو لم تكن امرأته هي السبب وقد طلقها مرات كثيرة في مناسبات متعددة ومنها ما يكون طلاقه ثلاثاً كقوله طالق. طالق. طالق هذه في حالة وفي حالة أخرى يطلقها على المذاهب الأربعة وأخرى وأخرى ولكنها لا تخرج من بيته بسبب أولادها وحرصها على البقاء معهم لذلك فهي صابرة على طبعه وغضبه ولكنها ليست معه كما تكون الزوجات فهي تعتبره أجنبياً منها ولا تجالسه ولا يرى منها غير الوجه ولكنها تسأل: ما حكم بقائها معه على هذه الحالة هل تستمر على ذلك أم تفارقه أم تعامله معاملة الأزواج في كل شيء وطلاقه الذي يصدر منه لا يقع للنظر لسرعة غضبه ومرضه أم ماذا تفعل وهي أيضاً صدر منها في إحدى الحالات الشجار بينهما أن قالت له أنت مثل ابني وأخي فما حكم مثل هذا القول إذا صدر من الزوجة؟
الإجابة :
إذا كان الزوج حين إصداره الطلاق في حالة غضب لا يملك نفسه معها فإن طلاقه لا يقع عليه؛ لأنه لا طلاق في إغلاق والغضب ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
أحدها: أن يكون في ابتدائه بحيث يعقل الغاضب ما يقول ويملك نفسه فتصرفه كتصرف غير الغاضب لأنه ليس ثمة مانع من تنفيذه فإذا طلق في هذه الحال فإن طلاقه يقع.
الحالة الثانية: أن يكون غضبه شديداً جداً بحيث لا يعي ما يقول ولا يدري ما يقول ولا يدري أهو في البيت أم في السوق في حال يكون كالمغمى عليه فهذا لا يقع طلاقه بلا ريب وذلك؛ لأنه ليس له فكر وليس له عقل ما يقول حينئذ.
الحالة الثالثة: أن يكون الغضب متوسطاً بين الحالة الأولى والثانية بحيث يعي ما يقول ويدري ما يقول ولكنه عاجز عن ملك نفسه لا يملك نفسه مع هذا الغضب وفي وقوع طلاقه خلاف بين أهل العلم فالراجح أنه لا يقع طلاقه في هذه الحالة؛ لأنه كالمكره؛ لأن الحالة النفسية الكامنة تلجئه إلجاءً على أن يقول هذا الطلاق ولا سيما أن زوجها كما ذكرت كان معه مرض نفسي فإذا كان زوجها في هذه الحال فإنه لا يقع طلاقه عليها مهما كرره، أما بالنسبة ما قالته هي له في بعض خصوماتها أنه كابنها فإن هذا ليس بظهار فالمرأة ليست من أهل الظهار فلو قالت لزوجها أنت علي كظهر أبي أو كظهر ابني أو كظهر أخي فليس هذا بظهار ولا يلزمها فيه كفارة ظهار أيضا؛ لأن كفارة الظهار إنما تلزم من يقع منه ظهار وهو الزوج وأما هي فلا يلزمها كفارة الظهار إذا قالت ذلك لزوجها ولكن عليها كفارة يمين وهي عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم فإن لم تجد ما تطعم أو وجدت لكن لم تجد مساكيناً فإنها تصوم ثلاثة أيام متتابعة.
وهاهنا مسألة وردت في سؤالها وهي أنها ذكرت أن زوجها يقول أنت طالق. طالق. طالق وهذا التكرار على هذا الوجه أعني التكرار دون الجملة كلها لا يقع به الطلاق حتى على المشهور من مذهب الإمام أحمد إلا أن ينوي الثلاثة بذلك فإن لم ينو الثلاث فإنه لا يقع إلا واحدة، فلو قال الإنسان لزوجته أنت طالق. طالق. طالق ولم ينو الثلاث لم يلزمه إلا واحدة فقط وبعض الناس قد يجهل حكم هذه المسألة ويظن أن المذهب وقوع الطلاق الثلاث في هذه العبارة ولم يتبين له الفرق بين تكرار الجملة كلها وتكرار الخبر وحده فتكرار الخبر وحده لا يتعدد به الطلاق إلا إذا نواه فإذا قال قائل لزوجته أنت طالق. طالق. طالق وجاء يسأل هل تطلق زوجتي ثلاثاً؟ نقول له هل نويت الثلاث؟ فإن قال نعم صار الطلاق ثلاث على المشهور من المذهب وإن قال نويت الواحدة لم يكن إلا واحدة حتى على المشهور من المذهب وإن قال لم أنو شيئاً إنما أطلقتها للتكرار وليس عندي تلك الساعة نية قلنا له أيضاً لا يقع عليك إلا واحدة حتى على المشهور من المذهب، أما على القول الراجح الذي نراه فإنه لا يقع الطلاق الثلاث ولو كرر الجملة كلها حتى ولو قال أنت طالق أنت طالق أنت طالق؛ لأن حديث ابن عباس -رضي الله عنمها- كان الطلاق الثلاث على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم- وعهد أبي بكر وسنتين من خلافة عمر كان الطلاق الثلاث واحدة فلما تتايع الناس فيه ألزمهم عمر وقال أرى الناس قد تتايعوا في أمر كانت له فيه أناة فلو أمضيناه عليهم فأمضاه عليهم وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - أن تكرار الطلاق باللفظ لا يقع متعدداً إلا إذا كان بعد رجعة أو نكاح جديد.
فضيلة الشيخ: هل نقول لها أن تعاشر زوجها بشكل عادي؟
الشيخ: نقول لها تعاشر زوجها بشكل عادي إذا كانت حاله كما ذكرنا يعني في حال غضب لا يستطيع أن يملك نفسه فيها فإن الطلاق لا يقع منه حينئذ على زوجته فتبقى زوجة له.
إذن الخلاصة: أن زوجها إذا كان يغضب حتى لا يملك نفسه في حال غضبه فإنه لا يقع منه طلاق ولا ظهار ولا غيره فتبقى على ما هي عليه عنده وأما بالنسبة لها فيلزمها كفارة يمين لما قالت لزوجها من ألفاظ الظهار.
ثم أنه وقع في سؤالها: أنها قالت إنني لا أكشف له سوى وجهي وظاهر هذا أنها تكشف له وجهها في حال تعتقد أنها قد بانت منه وأنها ليست زوجة ولكني أقول لها ولمن يسمع إن كشف الوجه محرم إلا للرجال المحارم فمن ليس بمحرم لها فليس لها أن تكشف له وجهها ويحرم أن تكشف له وجهه لأن الوجه من أعظم ما يكون سبباً للفتنة من جسم المرأة فهو أعظم فتنة من الرجل التي قال من قال بجواز كشف الوجه أنه يجب عليها أن تستر رجلها ويجوز لها أن تكشف وجهها فيقال أي فتنة أعظم أن يرى الإنسان قدم امرأة أو أن يرى وجهها ولا ريب عند كل عاقل له نظر في النساء أن فتنة النساء في الوجه أعظم بكثير من فتنة الرجل ولعل الله أن ييسر لنا موقفاً آخر نتكلم فيه عن هذه المسألة المهمة العظيمة التي بدأ بعض الناس يتهاون بها في هذه البلاد التي كانت تتمسك بها تمسكاً يقتضيه الدين وتقضيه الأخلاق والله الموفق.
المصدر :
الشيخ ابن عثيمين من فتاوى نور على الدرب