تجاوز ميقاته من غير إحرام ثم عاد إليه وأحرم منه فماذا يلزمه ؟
عدد الزوار
60
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
سئل فضيلة الشيخ - رحمه الله تعالى - : ذهبت إلى مكة للعمرة فمررت بالميقات السيل الكبير فلم أحرم منه بل اتجهت إلى مكة مباشرة واستأجرت فيها ثم ذهبت من مكة إلى الميقات السيل الكبير وأحرمت منه وأديت العمرة، وقد قال لي بعض الإخوان: عليك دم؛ لأنك لم تحرم من الميقات قبل دخول مكة فهل هذا صحيح ؟
الإجابة :
ليس عليك دم؛ لأنك لم تحرم دون الميقات، بل رجعت إلى الميقات وأحرمت منه، وبهذا زال موجب الدم، أما لو أحرمت من مكة أو ما دون الميقات ولو خارج مكة، فإن عليك دماً تذبحه في مكة وتوزعه على الفقراء، لكن ما دمت رجعت إلى الميقات وأنت محل ثم أحرمت من الميقات فلا شيء عليك.
ونوجه إخواننا الذين يتسرعون في الفتوى ونقول لهم: إن الأمر خطير؛ لأن المفتي يعبر عن شريعة الله، فهل هو على استعداد إذا لاقي الله عز وجل وسأله عما أفتى به عباده من أين لك الدليل ؟ إن المفتي بلا علم وليس عنده دليل حتى لو أصاب فقد أخطأ لقول الله تبارك وتعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾[الأعراف: 33]. والقول على الله بلا علم يشمل القول عليه في ذاته وأسمائه وصفاته وأحكامه، وقال الله تعالى: ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾[الإسراء: 36] وقال تعالى: ﴿فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾[الأنعام: 144]. وفي الحديث: «أجرؤكم على الفتيا أجرؤكم على النار» وكان السلف- رحمهم الله - يتباعدون الفتيا حتى تصل إلى من يتعين عليه الإجابة، وإني أقول لهؤلاء الذين يريدون أن يسبقوا إلى السؤدد والإمامة أقول لهم: اصبروا فإن كان الله قد أراد بكم خيراً ورفعة حصلتم ذلك بالعلم، وإن كانت الأخرى فإن جرأتكم على الفتيا بلا علم لا تزيدكم إلا ذلا بين العباد وخزيًا يوم المعاد، وإني لأعجب من بعض الأخوة الذين أوتوا نصيباً قليلًا من العلم أن يتصدروا للإفتاء، وكأن الواحد منهم إمام من أئمة السلف، حتى قيل لي عن بعضهم حين أفتى بمسألة شاذة ضعيفة إن الإمام أحمد بن حنبل يقول سوى ذلك، فقال هذا المفتي لمن أورد عليه هذا الإيراد: (ومن أحمد بن حنبل ؟! أليس رجلاً ؟! إنه رجل، ونحن رجال) ولم يعلم الفرق بين رجولته التي ادعاها، ورجولة الإمام أحمد إمام أهل السنة - رحمه الله - وأنا لست أقول إن الإمام أحمد قوله حجة، لكن لا شك أن قوله أقرب إلى الصواب من قول هذا المفتي الذي سلك بدايات الطريق والله أعلم بالنيات.
المصدر :
مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين(21/363-365)