حكم رمي العمود أثناء رمي الجمار وما الحكم إذا لم تقع الحصى في الحوض ؟
عدد الزوار
103
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
أثابكم الله هذا السائل م. ط. ر. سوري مدرس باليمن يقول: أديت فريضة الحج والحمد لله وأثناء رمي الجمرات كان الزحام شديداً وقد حاولت جهدي أن تصيب الحصيات الجمرة وكانت بعض الحصيات تطيش رغم محاولاتي ورغم إعادتي بعضها فالذي أعيده كان بعضه يطيش أيضاً فما الحكم في ذلك ؟
الإجابة :
الحكم في ذلك أنه لا يجب أن تضرب الجمرة؛ لأن هذه الأعمدة الموجودة في أحواض الجمار مجرد علامات على مكان الرمي والواجب أن يقع الحصى في نفس الحوض فإذا وقع الحصى في الحوض فهذا هو الواجب سواءٌ استقر في الحوض أو تدحرج منه فأنت احرص على أن تدنو من الحوض حتى يكون عندك يقين أو غلبة ظن بأن الحصى وقع في الحوض، فإذا تيقنت أو غلب على ظنك؛ لأن التيقن قد يتعذر في هذا المقام، فإذا غلب على ظنك أنه وقع في الحوض، فإن هذا كافٍ ولو طاشت بعض الحصيات ولم تقع في الحوض فلا حرج عليك أن تأخذ من تحت قدمك وترمي بقية الحصيات.
فضيلة الشيخ: لو صعب عليه أن يأخذ من تحت قدميه كما تفضلتم لشدة الزحام ولكنه عاد ورجع مرةً أخرى واستأنف البقية ؟
الشيخ: لا حرج عليه.
فضيلة الشيخ: هل يكمل الباقي عدد الذي طاشت منه فقط ؟
الشيخ: لو تعذر نعم لو تعذر عليه ورجع وخرج من الزحام ثم أخذ حصى ورجع ورمى به فلا حرج يكمل الباقي فقط ثم إن كثيراً من العامة يعتقدون أن رمي الجمرات رميٌ للشياطين ويقولون: إننا نرمي الشيطان وتجد من يأتي منهم بعنفٍ شديد وحنق وغيظ وصياح وشتم وسبٍ لهذه الجمرة والعياذ بالله حتى إني رأيت قبل أن تبنى الجسور على الجمرات رأيت رجلاً وامرأته وقد ركبا على الحصى يضربان بالحذاء العمود الشاخص ويسبانه ويلعنانه ومن العجيب أن الحصى يضربهما ولا يباليان بهذا وهذا من الجهل العظيم فإن رمي هذه الجمرات عبادةٌ عظيمة قال فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «إنما جعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله» هذا هو الحكمة من هذه الجمرات ولهذا يكبر الإنسان عند كل حصاة ليس يقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بل يكبر يقول الله أكبر تعظيماً لله الذي شرع رمي هذه الحصى وهو في الحقيقة أعني رمي الجمرات غاية التعبد والتذلل لله سبحانه وتعالى لأن الإنسان لا يعرف حكمةً من رمي هذه الجمرات في هذه الأمكنة إلا لأنها مجرد تعبدٍ لله سبحانه وتعالى وانقياد الإنسان لطاعة الله وهو لا يعرف الحكمة أبلغ في التذلل والتعبد لأن العبادات منها ما حكمته معلومة لنا وظاهرة فالإنسان ينقاد لها تعبداً لله تعالى وطاعةً له ثم إتباعاً لما يعلم فيها من هذه المصالح ومنها ما لا يعرف حكمته ولكن كون الله يأمر بها ويتعبد بها عباده فيمتثلون فهذا غاية التذلل والخضوع لله كما قال الله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾[الأحزاب: 36]، وما يحصل في القلب من الإنابة لله الخشوع والاعتراف بكمال الرب ونقص العبد وحاجته إلى ربه ما يحصل له في هذه العبادة فهو من أكبر المصالح وأعظمها.
فضيلة الشيخ: أمكنتها أليست هي التي كان الشيطان يقف فيها يتمثل فيها لإبراهيم الخليل عليه السلام ؟
الشيخ: هذا ورد فيه حديث والله أعلم بصحته وحتى على فرض صحته فإنه لا يعني أننا نحن نفعل ذلك كما فعله إبراهيم أرأيت السعي بين الصفا والمروة أصله سعي أم إسماعيل بينهما بعد أن أصابها الجوع والعطش لتتحسس هل حولها أحدٌ ونحن إنما نسعى لا لهذا الغرض إنما نسعى تعبداً لله عز وجل وتذللاً إليه وافتقاراً إليه بأن يغفر لنا ويرحمنا فهو وإن كان أصل العبادة عملاً معيناً لا يلزمنا بأن يستمر إلى يوم القيامة ثم هذا الرمل أيضاً الرمل وهو في الأشواط الثلاثة في طواف القدوم أول ما يصل الإنسان سواءٌ كان طواف قدوم أو طواف عمرة هذا أصله أن النبي عليه الصلاة والسلام فعله ليغيظ المشركين به الذين قالوا حين قدم النبي عليه الصلاة والسلام في عمرة القضاء قالوا إنه يقدم عليكم قومٌ وهنتهم حمى يثرب فأصل مشروعيته لهذا الغرض ومع ذلك نحن الآن نفعله لا لإغاظة المشركين لأن هذا زال لكنه بقي فيه التعبد فهذا يدلنا على أنه لا يلزم من كون هذا العمل المعين من الأنساك أصله كذا أن يكون عملنا له الآن هو السبب الذي شرع من أجله.
فضيلة الشيخ: نعود للرمي: إذا رمى الإنسان نفس العمود الشاخص في وسط الحوض وأصابه ولكن نفس الحصى لم تستقر في الحوض ولم تصب الحوض أصابت العمود فسقطت في الأرض ؟
الشيخ: لا تجزئ إذا أصابت العمود ثم قفزت حتى صارت خارج الحوض فإنها لا تجزئ يجب عليه أن يرمي بدلها
فضيلة الشيخ: إذاً المهم هو إصابة الحوض ؟
الشيخ: المهم أن تقع في الحوض.
المصدر :
الشيخ ابن عثيمين من فتاوى نور على الدرب