قلَّم أظفاره أثناء الإحرام بالحج وأفتي ببطلان حجه فما الحكم ، وحكم الفتوى بغير علم
عدد الزوار
63
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
سئل فضيلة الشيخ - رحمه الله تعالى - : قمت بتقليم أظافري في اليوم الثامن في منى وعلي إحرامي؛ لأنني كنت أعتقد أن المحظور هو قص الشعر فقط وأن تقليم الأظافر لا شيء فيه، إلا
أن شخصاً نبهني على ذلك جزاه الله خيراً لكنه شدد علي تشديداً جداً لأنه قال: لابد من عودتك إلى الميقات أو إلى مكة المكرمة لتحرم من جديد هل هذا صحيح ؟ وما الذي يلزمني ؟
الإجابة :
لا يلزمك شيء في قص الأظافر؛ لأنك قصصتها وأنت تظن أن ذلك لا بأس به، ومن فعل شيئاً من محظورات الإحرام جاهلاً، أو ناسياً، أو غير مختار فلا شيء عليه، ولا فرق بين إزالة الشعر، وتقليم الأظافر والطيب واللبس وغيرها، كلها على حد سواء، إذا فعل الإنسان شيئاً من محظورات الإحرام جاهلاً، أو ناسياً، أو غير مختار له فلا شيء عليه، لقول الله تعالى: ﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾[البقرة: 286] وهذا عام، ولقوله تعالى: ﴿وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾[الأحزاب: 5] . فهذا عام، ولقوله تعالى في المكره: ﴿مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ﴾[النحل: 106]، فإذا كان المكره على الكفر وهو أعظم المحرمات لا شيء عليه، فما دونه من المحرمات من باب أولى، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : «من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه» . وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «ليس في النوم تفريط» .
وقال تعالى في خصوص الصيد: ﴿وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ﴾[المائدة: 95] وبهذه النصوص وغيرها من النصوص نستفيد أن فعل المحظور في العبادة أيّاً كانت إذا كان صادراً عن نسيان، أو جهل فإنه لا شيء فيه ولا يؤثر في العبادة شيئاً، فها هو معاوية بن الحكم - رضي الله عنه - تكلم في صلاته وهو جاهل ولم يأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - بإعادة الصلاة، والحاصل أن هذا الذي قلم أظافره في اليوم الثامن بعد إحرامه لا شيء عليه إطلاقاً.
وأما من أفتاه بأنه يجب أن يرجع إلى الميقات، أو إلى مكة ليحرم منها، فإن هذه فتوى باطلة لا أصل لها، وأحذر هنا وفي كل المناسبات أحذر المسلمين من طلبة العلم وغيرهم أن لا يتكلموا في الفتوى إلا إذا كان لهم مستند شرعي؛ لأن المقام مقام خطير والمفتي معبر عن الله سبحانه وتعالى فيما أفتى به فليتق الله.
المصدر :
مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين(22/122)