ما الحكم إذا اقترض من شخص مبلغا من المال ثم توفي المقرض ؟
عدد الزوار
104
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
السائل حمد علي من السودان يقول: تسلفت من شخص مبلغًا من المال ووافته المنية قبل أن أرد له هذا المال وله أبناء صغار وكبار ماذا أفعل في هذا مأجورين؟
الإجابة :
إذا توفي الإنسان وله أطلاب على الناس فإن هذه الأطلاب تنتقل إلى الورثة قَلَّت أو كثرت فهذا الرجل الذي أقرضك ثم توفي يكون المال الذي عندك لورثته فعليك أن تخبرهم به ثم تسلمه للجميع إلا أن يكون لهم وكيل خاص قد ثبتت وكالته شرعا فلك أن تعطيه إياه وحده وهو يقسمه بين أهل الميراث وهذا السؤال يجرنا إلى شيء آخر وهو أن بعض الناس نسأل الله لنا ولهم الهداية يتهاون بالدين ويتهاون بقضاء الدين أما التهاون بالدين فإن بعض الناس يستدين لأمور كمالية لا حاجة له بها بل قد يستدين لأمور محرمة تلحقه بالمسرفين والله تعالى لا يحب المسرفين وهذا غلط سفه في العقل وضلال في الدين فإن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لم يرشد الرجل الذي طلب منه أن يزوجه ولم يكن عند هذا الرجل مهر فقال: «التمس ولو خاتما من حديد» فقال لا أجد ولم يقل له استقرض من الناس وإنما قال له: «هل معك شيء من القرآن» قال نعم قال: «زوجتك بما معك من القرآن» هذا مع أن الزواج أمر ضروري وأمر مشروع فهو ضروري من حيث الفطرة مشروع من حيث السنة ومع ذلك لم يرشده النبي-صلى الله عليه وسلم- إلى أن يستقرض وبعض الناس يستهين بالدين من حيث القضاء فتجده قادرا على الوفاء لكنه يماطل ويقول لصاحب الحق ائتني غدا وإذا جاء قال ائتني غدا وإذا جاء قال ائتني غدا حتى يمل صاحب الحق وربما يدع صاحب الحق حقه لكثرة الترداد على من عليه الحق وربما لا يتيسر له أن يرفع الأمر إلى المحاكم إما لكون الشيء زهيداً أو لقرابة بينه وبين المدين يخشى أن تنقطع الصلة بينهما إذا رفعه إلى الحاكم أو لكون الحاكم لا يحكم إلا بالهوى فيضيع حقه ثم إن المتهاون بقضاء الدين إذا مات بقيت نفسه معلقة بالدين حتى يقضى عنه والمبادرة بقضاء الدين عن الميت في وقتنا هذا قليلة جدا أكثر الورثة والعياذ بالله إذا مات صاحبهم الذي ورثهم المال والمال كان ماله فإذا مات وعليه الدين تباطأ الورثة في قضاء الدين وتواكلوا كل يكل الأمر إلى الآخر فتنعموا بالمال وصاحبه شقي في قبره وهذا حرام عليهم ولهذا قال العلماء رحمهم الله يجب على الورثة الإسراع في قضاء الدين حتى قال بعضهم ينبغي أن يقضى دينه قبل أن يُصلى عليه: «لأن النبي-صلى الله عليه وسلم- كان قبل أن يفتح الله عليه بالمال إذا قدمت إليه الجنازة وعلى الميت دين ليس له وفاء تأخر عن الصلاة عليه فقدم إليه رجل ذات يوم فلما خطى خطوات قال: «هل عليه دين» قالوا نعم يا رسول الله: ديناران فتأخر وقال: «صلوا على صاحبكم» فقال أبو قتادة: يا رسول الله الديناران علي قال: «حق الغريم وبرئ منه المدين، قال نعم يا رسول الله فتقدم وصلى عليه» وهذا يدل على أهمية الدين فنصيحتي لإخواني أولاً ألا يتهاونوا بالدين ابتداء وأن يسددوا ويقاربوا وألا يحاولوا أن يكونوا كالأغنياء في مآكلهم ومشاربهم وملابسهم ومواطنهم ومراكبهم ليلغون الفرق بين الغني والفقير، وأن يقتصروا على ما تدعوا الضرورة إليه فيما يستدينونه من الناس وأقول على ما تدعو إليه الضرورة دونما تدعوا إليه الحاجة لأن الإنسان إما أن يستدين لحاجة أو لضرورة أو لإسراف فليجتنب الاستدانة للإسراف وللحاجة ولا يستدين إلا للضرورة ومرادنا بالاستدانة هنا ليس الدين المعروف عند الناس والذي هو تلاعب بأحكام الله عز وجل فيما يعرف عندهم بالدين ولكن المراد بذلك الدين الحلال والذي دلت السنة على جوازه فلا يستدن إلا إذا دعت الضرورة إلى ذلك وإلا فليستعفف وليقتصر على أدنى ما يسد ضرورته وإذا أغناه الله عز وجل فليفعل ما يليق بحاله فإنه أيضا من التطرف أن يكون الغني كالفقير في مأكله ومشربه وملبسه ومسكنه ومركبه ومن التطرف أيضا أن يكون الفقير كالغني يحاول أن يلحق بالغني فكلاهما محظور فإن الله تعالى يحب إذا أنعم على عبده نعمة أن يرى أثر نعمته عليه وفق الله الجميع لما فيه الخير.
المصدر :
الشيخ ابن عثيمين من فتاوى نور على الدرب